الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي للمباركفوري ***
قال ابن الجوزي: كان يكنى في الجاهلية أبا عمرو، فلما ولدت له في الإسلام رقية غلاماً سماه عبد الله واكتنى به، أسلم عثمان قديماً قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم وهاجر إلى الحبشة الهجرتين، ولما خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى بدر خلفه على ابنته رقية وكانت مريضة وضرب له بسهمه وأجره فكان كمن شهدها وزوجه أم كلثوم بعد رقية وقال لو كان عندي ثالثة زوجتها عثمان وسمي ذا النورين لجمعه بنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى. وقال الحافظ: أما كنيته بأبي عمر فهو الذي استقر عليه الأمر، وقد نقل يعقوب بن سفيان عن الزهري أنه كان يكنى أبا عبد الله بابنه عبد الله الذي رزقه من رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومات عبد الله المذكور صغيراً وله ست سنين، وحكى ابن سعد أن موته كان سنة أربع من الهجرة وماتت أمه رقية قبل ذلك سنة اثنتين والنبي صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر وقد اشتهر أن لقبه ذو النورين، وروى خيثمة في الفضائل والدارقطني في الأفراد من حديث علي أنه ذكر عثمان فقيل ذاك امرؤ يدعى في السماء ذا النورين انتهى 3849- حَدّثَنَا قُتَيْبَةُ بن سعيد حدثنا عَبْدُ العَزِيزِ بن مُحمدٍ عَن سُهَيْلِ بنِ صَالحٍ عَن أبيهِ، عَن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: "أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم كانَ عَلَى حِرَاء هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيّ وَطَلْحَةُ وَالزّبَيْرُ رضي الله عنهم فَتَحَرّكَتِ الصّخْرَةُ فقالَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم: "اهْدَأْ إنّمَا عَلَيْكَ إلاّ نَبِيّ أَوْ صِدّيقٌ أوْ شَهِيدٌ". قال أبو عيسى: وفي البابِ عَن عُثْمَانَ وَسعِيدِ بنِ زَيْد وابنِ عبّاسٍ وَسَهْلِ بنِ سَعْدٍ وأنَسِ بنِ مَالِكٍ وَبُرَيْدَةَ الأسْلَمِيّ وهَذا حديثٌ صحيحٌ. 3850- حَدّثَنَا مُحمّدُ بنُ بَشّارٍ حدثنا يَحْيَى بنُ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بنِ أبي عَرُوبَةَ، عَن قَتَادَةَ عن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ حَدّثَهُمْ: "أنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم صَعِد أُحُداً وَأبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ فَرَجَفَ بِهِمْ فقالَ النَبِيّ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: اثْبُتْ أُحُدُ فإِنّمَا عَلَيْكَ نَبِيّ وَصِدّيقٌ وَشَهِيدَانِ". قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ. - قوله: (كان على حراء) ككتاب وكعلي عن عياض ويؤنث ويمنع جبل بمكة فيه غار تحنث فيه النبي صلى الله عليه وسلم (اهدأ) بصيغة الأمر من هدأ بمعنى سكن أي أسكن (فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد) أو للتنويع أو بمعنى الواو، قال النووي في هذا الحديث معجزات لرسول الله صلى الله عليه وسلم منها إخباره أن هؤلاء شهداء وماتوا كلهم غير النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر شهداء. فإن عمر وعثمان وعلياً وطلحة والزبير قتلوا ظلماً شهداء، فقتل الثلاثة مشهور، وقتل الزبير بوادي السباع بقرب البصرة منصرفاً تاركاً للقتال، وكذلك طلحة اعتزل الناس تاركاً للقتال فأصابه سهم فقتله، وقد ثبت أن من قتل ظلماً فهو شهيد، والمراد شهداء في أحكام الاَخرة وعظم ثواب الشهداء، وأما في الدنيا فيغسلون ويصلى عليهم، وفيه بيان فضيلة هؤلاء، وفيه إثبات التمييز في الحجارة وجواز التزكية والثناء على الإنسان في وجهه إذا لم يخف عليه فتنة بإعجاب ونحوه انتهى. قوله: (وفي الباب عن عثمان وسعيد بن زيد الخ) أما حديث عثمان فأخرجه الترمذي فيما بعد، وأما حديث سعيد بن زيد فأخرجه الترمذي في مناقبه، وأما حديث ابن عباس فلينظر من أخرجه، وأما حديث سهل بن سعد فأخرجه أبو يعلى ووقع فيه لفظ أحد مكان حراء كما في الفتح، وأخرجه أيضاً أحمد بلفظ أحد، وأما حديث أنس بن مالك فأخرجه مسلم وأبو يعلى، وأما حديث بريدة فأخرجه أحمد ورجاله رجال الصحيح. قوله: (وهذا حديث صحيح) وأخرجه مسلم بسند الترمذي ولفظه وزاد في رواية سعد بن أبي وقاص، قال النووي أما ذكر سعد بن أبي وقاص في الرواية الثانية فقال القاضي إنما سمي شهيداً لأنه مشهود له بالجنة انتهى. وقال القاري مات سعد في قصره بالعقيق فتوجيه هذه الرواية أن يكون بالتغليب أو كما قال السيد جمال الدين أنه ينبغي أن يقال كان موته بمرض من الأمراض التي تورث حكم الشهادة.
3851- حَدّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الرّفاعِيّ، حدثنا يَحْيَـى بنُ اليَمَانِ، عَنْ شَيْخٍ مِنْ بَنِي زُهْرَةَ، عَن الْحَارِثِ بنِ عبْدِ الرّحْمَنِ بنِ أَبي ذُبابٍ، عَن طَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ اللّهِ قالَ قالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "لِكُلّ نَبِيَ رَفِيقٌ وَرَفِيقِي يَعْنِي في الْجَنّةِ عُثْمَانُ". قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ غَرِيبٌ لَيْسَ إسْنَادُهُ بالقَوِيّ وَهُو مُنْقَطِعٌ. - قوله: (حدثنا أبو هشام) اسمه محمد بن يزيد بن محمد بن كثير (عن الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب) بضم المعجمة وبالموحدتين (عن طلحة بن عبيد الله) بن عثمان التيمي كنيته أبو محمد أحد العشرة مشهور استشهد يوم الجمل سنة ست وثلاثين وهو ابن ثلاث وستين. قوله: (لكل نبي رفيق) هو الذي يرافقك، قال الخليل ولا يذهب اسم الرفقة بالتفرق (ورفيقي يعني في الجنة عثمان) خبر للمبتدأ والجملة معترضة بينهما من كلام طلحة أو غيره تفسيراً وبياناً لمكان الرفاقة والأظهر أنه في كلامه صلى الله عليه وسلم على سبيل الإطلاق الشامل للدنيا والعقبى جزاء وفاقاً، ثم هو لا ينافي كون غيره أيضاً رفيقاً له صلى الله عليه وسلم كما ورد عن ابن مسعود في رواية الطبراني ولفظه: "إن لكل نبي خاصة من أصحابه وإن خاصتي من أصحابي أبو بكر وعمر". نعم يستفاد منه أن لكل نبي رفيقاً وأنه له رفقاء، ولا مانع في ذلك في مقام الجمع ومع هذا في تخصيص ذكره إشعار بعظيم منزلته ورفع قدره قاله القاري. قوله: (هذا حديث غريب) وأخرجه ابن ماجه عن أبي هريرة ولفظه: "لكل نبي رفيق في الجنة ورفيقي فيها عثمان بن عفان" (ليس إسناده بالقوي وهو منقطع) والانقطاع بين الحارث بن عبد الرحمن وطلحة، قال الحافظ في تهذيب التهذيب في ترجمته أرسل عن طلحة انتهى. وفيه شيخ من بني زهرة وهو مجهول.
3852- حَدّثَنَا عبْدُ اللّهِ بنُ عَبْدِ الرّحْمَنِ، أخبرنا عَبْدُ اللّهِ بنُ جَعْفَرٍ الرّقيّ، حدثنا عُبَيْدُ اللّهِ بنُ عمرو عَن زَيْدٍ هُوَ ابنُ أبي أُنَيْسَةَ، عَنْ أَبي إِسْحَاقَ، عَن أَبي عَبْدِ الرّحْمَنِ السّلَمِيّ قالَ: "لَمّا حُصِرَ عُثْمَانُ أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ فَوْقَ دَارِهِ ثُمّ قَالَ: أُذَكّرُكُمْ باللّهِ هَلْ تَعْلَمُونَ أنّ حِرَاءَ حِينَ أنْتَفَضَ قالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: اثْبُتْ حِرَاءُ فَلَيْسَ عَلَيْكَ إِلاّ نَبِيّ أوْ صِدّيقٌ أوْ شَهِيدٌ؟ قالُوا: نَعَمْ. قالَ: أُذَكّرُكُمْ باللّهِ هَلْ تَعْلَمُونَ أنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قالَ في جَيْشِ العُسْرَةِ: مَنْ يُنْفِقُ نَفَقَةً مُتَقَبّلَةً؟ وَالنّاسُ مُجْهَدُونَ مُعْسِرُونَ فَجَهّزْتُ ذَلِكَ الْجَيْشَ؟ قالُوا: نَعَمْ. ثُم قالَ: أُذَكّرُكُمْ باللّهِ هَلْ تَعْلَمُونَ أنّ بئر رُومَةَ لَمْ يَكُنْ يَشْرَبُ مِنْهَا أَحَدٌ إلاّ بِثَمَنٍ فابْتَعْتُهَا فَجَعَلْتُهَا لِلْغَنِيّ وَالْفَقِيرِ وابنِ السّبِيلِ؟ قالُوا اللّهُمّ نَعَمْ وَأشْيَاءَ عددها". هَذا حديثٌ حَسَن صحيحٌ غَرِيبٌ. مِنْ هَذَا الوَجْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبي عبْدِ الرّحْمَنِ السّلَمِيّ عَنْ عُثْمان. 3853- حَدّثَنَا مُحمّدُ بنُ بَشّارٍ، حدثنا أَبُو دَاوُدَ، أخبرنا السّكَنُ بنُ المُغِيرَةِ وَيُكْنَى أَبَا مُحمّدٍ مَوْلىً لاَلِ عُثْمَانَ قال، حدثنا الوَلِيدُ بنُ أبي هِشَامٍ، عَن فَرْقَدٍ أَبي طَلْحَةَ، عَن عَبْدِ الرّحْمَنِ بنِ حَبّابٍ قالَ: "شَهِدْتُ النبِيّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يحُثّ عَلَى جَيْشِ العُسْرَةِ فَقَامَ عُثْمَانُ بنُ عَفّانَ فقالَ يا رَسُولَ اللّهِ عَلَيّ مِائَةُ بَعِيرٍ بأَحْلاَسِهَا وَأَقْتَابِهَا في سَبِيلِ اللّهِ، ثُمّ حَضّ عَلَى الْجيْشِ. فقامَ عُثْمَانُ بنُ عَفّانَ فقَال يا رسَولَ اللّهِ عَلَيّ مَائَتَا بعِيرٍ بِأَحْلاَسِهَا وَأقتَابهَا في سَبِيلِ اللّهِ، ثُمّ حَضّ عَلَى الْجَيْشِ. فقامَ عُثْمَانُ بنُ عَفّانَ فقالَ يا رسول الله عَلَيّ ثَلاَثُمَائَةِ بَعِيرٍ. بأحْلاَسِهَا وَأقْتَابِهَا في سبَيلِ اللّهِ، فأَنَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْزِلُ عَنِ المِنْبَرِ وَهُوَ يَقُولُ: ما عَلَى عُثْمَانَ ما عَمِلَ بَعْدَ هَذِهِ. ما عَلَى عُثْمَانَ ما عَمِلَ بعْدَ هَذِه". قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذا الْوَجْهِ لا نعرفه إلا من حديث السكن بن المغيرة. وفي البَابِ. عَن عَبْدِ الرّحْمَنِ بنِ سَمُرَةَ. 3854- حَدّثَنَا مُحمّدُ بنُ إسمَاعِيلَ حدثنا الْحَسَنُ بنُ وَاقِعٍ الرّمْلِيّ حدثنا ضَمْرَةُ بن ربيعة عَن عبد الله بن شَوْذَبٍ عَن عَبْدِ اللّهِ بنِ القاسِمِ عَن كثيرٍ مَوْلَى عبْدِ الرّحْمَنِ بنِ سَمُرَةَ عَن عبْدِ الرّحْمَنِ بن سَمُرَةَ قالَ: "جاءَ عُثْمَانُ إلى النّبِيّ صلى الله عليه وسلم بأَلْفِ دِينَارٍ قالَ الْحَسَنُ بنُ وَاقِعٍ وكان في مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ كِتَابي في كُمّهِ حِينَ جَهّزَ جَيْشَ العُسْرَةِ فَنَثَرَهَا في حِجْرِهِ. قالَ عبْدُ الرّحمَنِ فَرَأيْتُ النّبيّ صلى الله عليه وسلم يُقَلّبُهَا في حِجْرِهِ وَيَقُولُ: مَا ضَرّ عُثْمَانَ ما عَمِلَ بَعْدَ اليَوْمِ مَرّتَيْنِ". قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. 3855- حَدّثَنَا أَبُو زَرْعَةَ حدثنا الْحَسَنُ بّ بِشْرٍ حدثنا الْحَكَمُ بنُ عبْدِ المَلِكِ عَن قَتَادَةَ عَن أنْس بنِ مالِكٍ قالَ: "لَمّا أَمَرَ رَسُولُ اللّهِ بِبَيْعَةِ الرّضْوَانِ كانَ عُثْمانُ بنُ عَفّانَ رَسُولَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم إلى أَهْلِ مَكّةَ، قالَ فَبَايَعَ النّاسُ، قال: فقالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنّ عُثْمَانَ في حَاجَةِ اللّهِ وَحاجَةِ رَسُولِهِ فَضَرَبَ بِإِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الأُخْرَى فَكانَتْ يَدُ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم لِعُثْمَان خَيْراً مِنْ أيدِيهِمْ لأنْفُسِهِمْ". قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ غَرِيبٌ. 3856- حَدّثَنَا عبْدُ اللّهِ بنُ عبْدِ الرّحْمَنِ وَعَبّاسُ بنُ مُحمّدٍ الدّوْرِيّ وغَيْرُ وَاحِدٍ- المَعْنَى واحِدٌ- قالُوا: حدثنا سَعِيدُ بنُ عامِرٍ قالَ عَبْدُ اللّهِ: أخبرنا سَعِيدُ بنُ عَامِرٍ عَن يَحْيـى بنِ أبي الْحجّاجِ المِنْقَرِيّ عَن أَبي مَسْعُودٍ الجُرَيْرِيّ عَن ثُمَامَةَ بنِ حَزْنٍ القُشَيْرِيّ قالَ: "شَهِدْتُ الدّارَ حِينَ أشْرَفَ عَلَيْهِمْ عُثْمَانُ، فقالَ ائْتُونِي بِصَاحِبَيْكُمْ اللّذَيْنِ أَلّبَاكُمْ عَلَيّ؟ قالَ فَجِيءَ بِهِمَا كأَنّهُمَا جَمَلاَنِ، أَوْ كأَنّهُمَا حِمَارَانِ، قالَ فأَشْرَفَ عَلَيْهِمْ عُثْمَانُ فَقالَ أَنْشُدُكُمْ باللّهِ والإسْلاَمِ هَلْ تَعْلَمُونَ أنّ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَدِمَ المَدِينَةَ وَلَيْسَ بِهَا ماءٌ يُسْتَعْذَبُ غَيْر بِئْرِ رُومَةَ، فقالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ يَشْتَرِي بِئْرَ رُومَةَ فَيْجَعَلَ دِلْوَهُ مَعَ دِلاَءِ المسْلِمينَ بِخَيْرٍ لَهُ مِنْهَا في الْجَنّةِ، فاشْتَرَيْتُها مِن صُلْبِ مالِي فأنْتُمُ اليَوْمَ تَمْنَعُونِي أَنْ أَشْرَبَ مِنْهَا حَتّى أَشْرَبَ مِنْ ماءِ البَحْرِ؟ قالُوا اللّهُمّ نَعَمْ، فقالَ أنْشُدُكُمْ باللّهِ وَالإسْلامِ هَلْ تَعْلَمُونَ أنّ المَسْجِدَ ضَاقَ بِأَهْلِهِ؟ فقالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ يَشْتَرِي بُقعَةَ آلِ فُلاَنٍ فَيَزِيدهَا في المَسْجِدِ بِخَيْرٍ لَهُ مِنْهَا في الْجَنّةِ؟ فاشْتَرَيْتُهَا مِنْ صُلْبِ مَالِي فَأنْتُمُ اليَوْمَ تَمْنَعُونِي أنْ أُصَلّيَ فِيهَا رَكْعَتَيْنِ؟ قالُوا اللّهُمّ نَعَمْ، قالَ أَنْشُدُكُمْ باللّهِ وبالإِسْلاَمِ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنّي جَهّزْتُ جَيْشَ العُسْرَةِ مِنْ مَالِي؟ قالُوا اللّهُمّ نَعَمْ، ثم قالَ أَنْشدُكُمْ باللّهِ والإِسْلاَمِ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنّ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ عَلى ثَبِيرِ مَكّةَ وَمَعَهُ أبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَأنَا فَتَحَرّكَ الْجَبَلُ حَتّى تَسَاقَطَتْ حِجَارَتُهُ بالْحَضِيضِ، قالَ فَرَكَضَهُ بِرِجْلِهِ، فقالَ اسْكُنْ ثَبِيرُ فإِنّمَا عَلَيْكَ نَبِيّ وَصدِيقٌ وشَهِيدَانِ؟ قالُوا اللّهُمّ نَعَمْ، قالَ اللّهُ أَكْبَرُ شَهِدُوا لِي وَرَبّ الكَعْبَةِ أَنّي شَهِيدٌ ثَلاَثاً". قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ وقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَن عُثْمَانَ. 3857- حَدّثَنَا مُحمّدُ بنُ بَشّار حدثنا عبْدُ الوَهّابِ الثّقَفِيّ حدثنا أيّوبُ عَن أَبي قِلاَبَةَ عَن أبي الأشْعَثِ الصّنْعَانِيّ: "أنّ خُطَبَاءَ قامَتْ بالّشّامِ وَفِيهمْ رِجَالٌ مِنْ أَصْحابِ النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقامَ آخِرَهُمْ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ مُرّةُ بنُ كَعْبٍ، فقالَ لَوْلاَ حَدِيثٌ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم مَا قُمْتُ وذَكَرَ الفِتَنَ فَقَرّبَها فَمَرّ رَجلٌ مُقَنّعٌ في ثَوْبٍ فقالَ هَذَا يَوْمَئِذٍ عَلَى الهُدَى، فَقُمْتُ إلَيْهِ فإِذَا هُوَ عُثْمَانُ بنُ عَفّانَ فأقْبَلْتُ عَلَيْهِ بِوَجْهِه فَقُلْتُ هَذَا؟ قالَ نَعَمْ". قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ. وفي البابِ عَنْ ابنِ عُمَرَ وعبْدِ اللّهِ بنِ حَوَالَةَ وكَعْبِ بنِ عُجْرَة. - قوله: (أخبرنا عبد الله بن جعفر) بن غيلان بالمعجمة الرقي أبو عبد الرحمن القرشي مولاهم ثقة لكنه تغير بآخره فلم يفحش اختلاطه من العاشرة (حدثنا عبيد الله بن عمرو) الرقي (عن أبي إسحاق) هو السبيعي. قوله: (لما حصر) بصيغة المجهول أي أحيط به وحاصره المصريون الذين أنكروا عليه توليته عبد الله بن سعد بن أبي سرح والقصة مشهورة، وقد وقع في رواية النسائي قال: لما حصر عثمان في داره واجتمع الناس قام فأشرف عليهم (أشرف عليهم) أي اطلع عليهم (أذكركم بالله) من التذكير، وذكر البخاري هذا الحديث تعليقاً وفيه: أنشدكم الله، وفي رواية ثمامة الاَتية: أنشدكم الله والإسلام (حين انتفض) أي تحرك (حراء) بتقدير حرف النداء (في جيش العسرة) بضم العين وسكون السين المهملتين وهو جيش غزوة تبوك سمي بها لأنه ندب الناس إلى الغزو في شدة القيظ وكان وقت إيناع الثمرة وطيب الظلال فعسر ذلك عليهم وشق، والعسر ضد اليسر وهو الضيق والشدة والصعوبة كذا في النهاية وقيل سمي به لما فيه من قلة الزاد ومفازة بعيده وعدو كثير قوي (والناس مجهدون) اسم مفعول من الإجهاد أي موقعون في الجهد والمشقة، قال في النهاية يقال أجهد فهو مجهد بالفتح أي أنه أوقع في الجهد والمشقة (فجهزت ذلك الجيش) من التجهيز أي هيأت جهاز سفره (قالوا نعم) أي صدقوه، وللنسائي من طريق الأحنف بن قيس أن الذين صدقوه بذلك هم علي بن أبي طالب وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص (أن رومة) بضم الواو وسكون الواو فميم بئر عظيم شمالي مسجد القبلتين بوادي العقيق ماؤه عذب لطيف في غاية العذوبة واللطافة تسميها الاَن العامة بئر الجنة لترتب دخول الجنة لعثمان على شرائها قاله صاحب اللمعات، وقال الكرماني كان رومة ركية ليهودي يبيع المسلمين ماءها فاشتراها منه عثمان بعشرين ألف درهم (فابتعتها) أي اشتريتها (قالوا اللهم نعم) قال المطرزي قد يؤتي باللهم قبل إلا إذا كان المستثنى عزيزاً نادراً وكان قصدهم بذلك الاستظهار بمشيئة الله تعالى في إثبات كونه ووجوده إيماء إلى أنه بلغ من الندور حد الشذوذ، وقيل كلمتي الحجد والتصديق في جواب المستفهم كقوله اللهم لا ونعم. قوله: (هذا حديث حسن صحيح غريب) وأخرجه النسائي والدارقطني وذكره البخاري في صحيحه تعليقاً. - قوله: (أخبرنا السكن بن المغيرة) البزاز البصري صدوق من السابعة (أخبرنا الوليد بن أبي هشام) أخو هشام أبي المقدام المدني صدوق من السادسة (عن فرقد أبي طلحة) مجهول من الرابعة (عن عبد الرحمن بن خباب) بخاء معجمة وموحدتين الأولى ثقيلة السلمي بضم السين وقيل بفتحها وهم من زعم أنه ابن خباب بن الأرت صحابي نزل البصرة له حديث قاله الحافظ. قلت هو هذا الحديث. قوله: (وهو يحث) بضم الحاء وتشديد المثلثة أي يحض المؤمنين ويحرضهم (على جيش العسرة) أي على تجهيزه (علي) بتشديد الياء (مائة بعير بأحلاسها وأقتابها) الأحلاس جمع حلس بالكسر وسكون اللام وهو كساء رقيق يجعل تحت البرذعة، والأقتاب جمع قتب بفتحتين وهو رحل صغير على قدر سنام البعير وهو للجمل كالإكاف لغيره، يريد على هذه الإبل بجميع أسبابها وأدواتها (على مائتا بعير) أي غير تلك المائة لا بانضمامها كما يتوهم قاله القاري. قلت في رواية أحمد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فحث على جيش العسرة فقال عثمان بن عفان على مائة بعير بأحلاسها وأقتابها قال ثم حث فقال عثمان على مائة أخرى بأحلاسها وأقتابها قال ثم نزل مرقاة من المنبر ثم حث فقال عثمان بن عفان على مائة أخرى بأحلاسها وأقتابها، فرواية أحمد هذه ترد قول القاري هذا (على ثلثمائة بعير) قال القاري فالمجموع ستمائة بعير، قلت لا بل المجموع ثلاثمائة بعير كما عرفت آنفاً (ما على عثمان) ما هذه نافية بمعنى ليس وفي قوله: (ما عمل بعد هذه) موصولة اسم ليس أي ليس عليه ولا يضره الذي يعمل في جميع عمره بعد هذه الحسنة، والمعنى أنها مكفرة لذنوبه الماضية مع زيادة سيآته الاَتية كما ورد في ثواب صلاة الجماعة، وفيه إشارة إلى بشارة له بحسن الخاتمة، وقيل ما فيه إما موصولة أي ما بأس عليه الذي عمله من الذنوب بعد هذه العطايا في سبيل الله، أو مصدرية أي ما على عثمان عمل من النوافل بعد هذه العطايا لأن تلك الحسنة تنوب عن جميع النوافل. قال المظهر أي ما عليه أن لا يعمل بعد هذه من النوافل دون الفرائض لأن تلك الحسنة تكفيه عن جميع النوافل كذا في المرقاة. قوله: (هذا حديث غريب) وأخرجه أحمد. قوله: (وفي الباب عن عبد الرحمن بن سمرة) أخرجه الترمذي بعد هذا. - قوله: (حدثنا محمد بن إسماعيل) هو الإمام البخاري (أخبرنا الحسن بن واقع) بواو وقاف ابن القاسم أبو علي الرملي خراساني الأصل ثقة من العاشرة (أخبرنا ضمرة) بن ربيعة الفلسطيني أبو عبد الله أصله دمشقي صدوق يهم قليلاً من التاسعة (عن ابن شوذب) اسمه عبد الله (عن عبد الله بن القاسم) شيخ لعبد الله بن شوذب صدوق من الثالثة كذا في التقريب، وقال في تهذيب التهذيب روي عن كثير بن أبي كثير مولى ابن سمرة وغيره وعنه عبد الله بن شوذب، وقال عثمان الدارمي عن ابن معين ليس به بأس وذكره ابن حبان في الثقات له عند الترمذي في تجهيز عثمان جيش العسرة (عن عبد الرحمن بن سمرة) بن حبيب بن عبد شمس العبشمي كنيته أبو سعيد صحابي من مسلمة الفتح يقال كان اسمه عبد كلال افتتح سجستان ثم سكن البصرة ومات بها سنة خمسين أو بعدها. قوله: (قال الحسن بن واقع وفي موضع آخر من كتابي في كمه) يعني أن هذا الحديث كان في موضعين من كتابه في أحدهما بألف دينار وفي الثاني بألف دينار في كمه (فنثرها) أي وضع الدنانير متفرقات (في حجره) بكسر الحاء وفتحها واحد الحجور أي في حضنه صلى الله عليه وسلم (يقلبها) أي الدنانير (ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم) أي فلا على عثمان بأس الذي عمل بعد هذه من الذنوب فإنها مغفورة مكفرة، ونحوه قوله صلى الله عليه وسلم في حديث حاطب بن أبي بلثعة: "لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم". قال الطيبي وغيره. قوله: (هذا حديث حسن غريب) وأخرجه أحمد. - قوله: (حدثنا أبو زرعة) الرازي اسمه عبيد الله بن عبد الكريم (أخبرنا الحسن بن بشر) البجلي الكوفي (حدثنا الحكم بن عبد الملك) القرشي البصري. قوله: (لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببيعة الرضوان) وهي البيعة التي كانت تحت الشجرة بالحديبية وكانت البيعة على أن يقاتلوا قريشاً ولا يفروا سميت بها لأنه نزل في أهلها {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة} الاَية (كان عثمان بن عفان رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة) أي رسولاً منه إليهم مرسلاً من الحديبية إلى مكة بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي سفيان وأشراف قريش يخبرهم أنه لم يأت لحرب وأنه إنما جاء زائراً لهذا البيت ومعظماً لحرمته، فخرج عثمان رضي الله عنه إلى مكة حتى بلغ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم (فبايع) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن عثمان في حاجة الله وحاجة رسوله) قال الطيبي هو من باب قوله تعالى {إن الذين يؤذون الله ورسوله} في أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنزلة عند الله ومكانة. وأن حاجته حاجته تعالى الله عن الاحتياج علواً كبيراً (فضرب بإحدى يديه على الأخرى) أي في البيعة عن جهة عثمان، والمعنى أنه جعل إحدى يديه نائبة عن يد عثمان (من أيديهم) أي من أيدي بقية الصحابة فغيبة عثمان ليست بمنقصة بل سبب منقبة. قوله: (هذا حديث حسن صحيح غريب) وأخرجه البيهقي. - قوله: (حدثنا سعيد بن عامر) الضبعي (قال عبد الله أخبرنا سعيد بن عامر) أي قال عبد الله بن عبد الرحمن في روايته أخبرنا سعيد بن عامر، وأما عباس بن محمد وغيره فقالوا في رواياتهم حدثنا سعيد بن عامر (عن يحيى بن أبي الحجاج المنقري) بكسر الميم وسكون النون الأهتمي البصري لين الحديث من التاسعة (عن أبي مسعود الجريري) بضم الجيم مصغراً اسمه سعيد بن إياس (عن ثمامة بن حزن) بفتح الحاء المهملة وسكون الزاي ثم نون (القشيري) بالتصغير البصري والد أبي الورد ثقة من الثانية مخضرم وقد علي عمر بن الخطاب وله خمسون وثلاثون سنة. قوله: (شهدت الدار) أي حضرت دار عثمان التي حاصروه فيها (فقال ائتوني بصاحبيكم الذين ألباكم علي) من ألبت عليه الناس أي جمعتهم عليه وحملتهم على قصده فصاروا عليه ألباً واحداً أي اجتمعوا عليه يقصدونه (أنشدكم) بضم الشين أي أسألكم (بالله والإسلام) أي بحقهما يقال نشدت فلاناً أنشده إذا قلت له نشدتك الله أي سألتك بالله كأنك ذكرته إياه (وليس بها) أي بالمدينة والواو للحال (ماء يستعذب) أي يعد عذباً أي حلواً (غير بير رومة) برفع غير وجوز نصبه والبئر مهموز ويبدل (فيجعل دلوه مع دلاء المسلمين) بكسر الدال جمع دلو وهو كناية عن الوقف العام، وفيه دليل على جواز وقف السقايات وعلى خروج الموقوف عن ملك الواقف حيث جعله مع غيره سواء. روى البغوي في الصحابة من طريق بشر بن بشير الأسلمي عن أبيه قال لما قدم المهاجرون المدينة استنكروا الماء وكانت لرجل من بني غفار عين يقال لها رومة وكان يبيع منها القربة بمد فقال له النبي صلى الله عليه وسلم تبيعنيها بعين في الجنة فقال يا رسول الله ليس لي ولا لعيالي غيرها فبلغ ذلك عثمان رضي الله عنه فاشتراها بخمسة وثلاثين ألف درهم ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أتجعل لي فيها ما جعلت له قال نعم قال قد جعلتها للمسلمين (بخير) متعلق بيشتري والباء للبدل، قال الطيبي: وليست مثلها في قولهم اشتريت هذا بدرهم ولا في قوله تعالى {أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى} فالمعنى من يشتريها بثمن معلوم ثم يبدلها بخير منها أي بأفضل وأكمل أو بخير حاصل (له) أي لأجله (منها) أي بئر رومة (من صلب مالي) بضم الصاد أي أصله أو خالصه (حتى أشرب من ماء البحر) أي مما فيه ملوحة كماء البحر والإضافة فيه للبيان أي ماء يشبه البحر (هل تعلمون أن المسجد) أي مسجد النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة (فيزيدها) أي تلك البقعة (أن أصلي فيها) أي في تلك البقعة فضلاً عن سائر المسجد (كان على ثبير مكة) بفتح مثلثة وكسر موحدة وتحتية ساكنة فراء جبل بمكة، وفي المصباح جبل بين مكة ومنى وهو يرى من منى وهو على يمين الذاهب منها إلى مكة، وقال الطيبي ثبير جبل بالمزدلفة على يسار الذاهب إلى منى وهو جبل كبير مشرف على كل جبل بمعنى، وبمكة جبال كل منها اسمه ثبير (بالحضيض) أي أسفل الجبل وقرار الأرض (فركضه برجله) أي ضربه بها (أسكن ثبير) أي يا ثبير (قال) أي عثمان (الله أكبر) كلمة يقولها المتعجب عند إلزام الخصم وتبكيته تعجب من إقرارهم بكونه على الحق وإصرارهم على خلاف مقتضاه (ثلاثاً) أي قال الله أكبر إلى آخره ثلاث مرات لزيادة المبالغة في إثبات الحجة على الخصم وذلك لأنه لما أراد أن يظهر لهم أنه على الحق وأن خصماءه على الباطل على طريق يلجئهم إلى الإقرار بذلك أورد حديث ثبير مكة وأنه من أحد الشهيدين مستفهماً عنه فأقروا بذلك وأكدوا إقرارهم بقولهم: اللهم نعم. فقال الله أكبر تعجباً وتعجيباً وتجهيلاً لهم واستهجاناً لفعلهم، وفي رواية أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عثمان عند أحمد والنسائي: أنشد الله رجلاً شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بيعة الرضوان يقول: "هذه يد رسول الله وهذه يد عثمان". وفي رواية ثمامة بن حزن عن عثمان عند الدارقطني أنه قال: هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجني ابنتيه واحدة بعد أخرى رضي بي ورضي عني قالوا نعم، وأخرج ابن منده من طريق عبيد الحميري قال أشرف عثمان فقال يا طلحة أنشدك الله أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ليأخذ كل رجل منكم بيد جليسه فأخذ بيدي فقال هذا جليسي في الدنيا والاَخرة" قال نعم، وللحاكم في المستدرك من طريق أسلم أن عثمان حين حصر قال لطلحة أتذكر إذ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن عثمان رفيقي في الجنة" قال نعم، وفي هذا الحديث مناقب ظاهرة لعثمان رضي الله عنه، وفيه جواز تحدث الرجل بمناقبه عند الاحتياج إلى ذلك لدفع مضرة أو تحصيل منفعة وإنما يكره ذلك عند المفاخرة والمكاثرة والعجب. قوله: (هذا حديث حسن) وأخرجه النسائي والدارقطني. - قوله: (أخبرنا أيوب) هو السختياني (عن أبي الأشعث) اسمه شراحيل بن أدة ثقة من الثانية (أن خطباء قامت بالشام) وفي رواية أحمد: لما قتل عثمان رضي الله عنه قام خطباء بإيلياء. قوله: (فقام آخرهم رجل) الظاهر أن قوله رجل بدل من آخرهم، وفي رواية أحمد فقام من آخرهم رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم (يقال له مرة بن كعب) قال في التقريب كعب بن مرة ويقال مرة بن كعب السلمي صحابي سكن البصرة ثم الأردن مات سنة بضع وخمسين (وذكر) أي النبي صلى الله عليه وسلم، وفي رواية أحمد: لولا حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قمت. إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر فتنة (فقربها) بتشديد الراء. أي قرب النبي صلى الله عليه وسلم الفتن يعني وقوعها (فمر رجل مقنع) بفتح النون المشددة أي مستتر في ثوب جعله كالقناع (فقال) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم (هذا) أي هذا الرجل المقنع (يومئذ) أي يوم وقوع تلك الفتن (على الهدى) من قبيل قوله تعالى {أولئك على هدى من ربهم} وفي رواية أحمد: "هذا وأصحابه يومئذ على الحق" (فقمت إليه) أي لأعرفه (فأقبلت عليه) أي على النبي صلى الله عليه وسلم (بوجهه) أي بوجه عثمان، والمعنى أدرت وجهه إليه ليتبين الأمر عليه، وفي رواية أحمد: فانطلقت فأخذت بمنكبه وأقبلت بوجهه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (فقلت هذا) أي هذا هو الرجل الذي يومئذ على الهدى. قوله: (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه أحمد. قوله: (وفي الباب عن ابن عمر وعبد الله بن حوالة وكعب بن عجرة) أما حديث ابن عمر فأخرجه الترمذي في ما بعد، وأما حديث عبد الله بن حوالة فأخرجه أحمد والطبراني ورجالهما رجال الصحيح، وأما حديث كعب بن عجرة فأخرجه أحمد وابن ماجه
3858- حَدّثَنَا محمُودُ بنُ غَيْلاَنَ حدثنا حُجَيْنُ بنُ المُثَنّى حدثنا اللّيْثُ بنُ سَعْدٍ عَن مُعَاوِيَةَ بنِ صَالحٍ عَن رَبِيعَةَ بنِ يَزِيدَ عَن عبْدِ الملك بنِ عَامِرٍ عَن النعْمَانِ بنِ بَشِيرٍ عَن عَائِشَةَ أَنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "يا عُثْمَانُ إنّهُ لَعَلّ اللّهَ يُقَمّصُكَ قَمِيصاً فإِنْ أَرَادُوكَ عَلَى خَلْعِهِ فَلاَ تَخْلَعْهُ لَهُمْ". قال أبو عيسى: في الْحَدِيثِ قِصَةٌ طَوِيلَةٌ. قال هَذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. 3859- حَدّثَنَا عباس بنُ محمدِ الدوري حدثنا أَبُو عَوَانَةَ عَن عُثْمَانَ بنِ عبْدِ اللّهِ بنِ مَوْهِبٍ: "أَنّ رَجُلاً مِنْ أهْلِ مِصْرَ حَجّ البَيْتَ فَرأَى قَوْماً جُلُوساً فقالَ مَنْ هَؤُلاَءِ؟ قالُوا: قُرَيْشٌ، قالَ فَمَنْ هَذَا الشّيْخُ؟ قالُوا: ابنُ عُمَرَ فأتَاهُ فقالَ إنّي سَائِلُكَ عَنْ شَيْءٍ فَحَدّثْنِي أنْشُدُكَ الله بِحُرْمَةِ هَذَا البَيْتِ. أَتَعْلَمُ أَنّ عُثْمَانَ فَرّ يَوْمَ أُحُدٍ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: أتَعْلَمُ أَنّهُ تَغَيّبَ عَن بَيْعَةِ الرّضْوَانِ فَلَمْ يَشْهَدْهَا؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: أتَعْلَمُ أَنّهُ تَغَيّبَ يَوْمَ بَدْر فَلَمْ يَشْهَدْهُ؟ قالَ: نَعَمْ، فقالَ: اللّهُ أَكْبَرُ، فقالَ لَهُ ابنُ عُمَرَ: تَعالَ حَتّى أُبَيّنَ لَكَ ما سَأَلْتَ عَنْهُ، أَمّا فِرَارُهُ يَوْمَ أُحُدٍ فَأَشْهَدُ أنّ اللّهَ قَدْ عَفَا عَنْهُ وَغَفَرَ لَهُ، وأمّا تَغَيّبُهُ يَوْمَ بَدْرٍ فإِنّهُ كَانَتْ عِنْدَهُ أَوْ تَحْتَهُ ابْنَةُ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم، فقالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: لَكَ أَجْرُ رَجُلٍ شهِدَ بَدْراً وَسَهْمُهُ، وَأَمّا تَغَيّبُهُ عَن بَيْعَةِ الرّضْوَانِ فَلَوْ كَانَ أَحَدٌ أَعَزّ بِبَطْنِ مَكّةَ مِنْ عُثْمَانَ لَبَعَثَهُ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم مَكَانَ عُثْمَانَ، بَعَثَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم عُثْمَانَ إلى مكة وَكَانَتْ بَيْعَةُ الرّضْوَانِ بَعْدَ مَا ذَهَبَ عُثْمَانُ إِلى مَكَةَ، قالَ: فقالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ اليُمْنَى: هَذِهِ يَدُ عُثْمَانَ وَضَرَبَ بِهَا عَلى يَدِهِ وَقالَ: هَذِهِ لِعُثْمَانَ. قالَ لَهُ: اذْهَبْ بِهَذَا الاَنَ مَعكَ". قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ. - قوله: (حدثنا حجين بن المثنى) بضم الحاء المهملة وفتح الجيم وسكون التحتية وبالنون اليمامي سكن بغداد وولي قضاء خراسان ثقة من التاسعة (عن معاوية بن صالح) بن حدير (عن ربيعة بن يزيد) الدمشقي (عن عبد الله بن عامر) بن يزيد بن تميم اليحصبي بفتح التحتانية وسكون المهملة وفتح الصاد المهملة بعدها موحدة الدمشقي المقري ثقة من الثالثة (عن النعمان بن بشير) بن سعد بن ثعلبة الأنصاري الخزرجي له ولأبويه صحبته سكن الشام ثم ولي إمرة الكوفة ثم قتل بحمص سنة خمس وستين وله أربع وستون سنة. قوله: (إنه) الضمير للشأن (لعل الله يقمصك) بتشديد الميم أي يلبسك (قميصاً) أراد به خلعة الخلافة، وفي رواية ابن ماجه: "يا عثمان إن ولاك الله هذا الأمر يوماً فأرادك المنافقون أن تخلع قميصك الذي قمصك الله فلا تخعله" (فإن أرادوك على خلعه) أي حملوك على نزعه (فلا تخلعه لهم) يعني إن قصدوا عزلك عن الخلافة فلا تعزل نفسك عنها لأجلهم لكونك على الحق وكونهم على الباطل، فلهذا الحديث كان عثمان رضي الله عنه ما عزل نفسه حين حاصروه يوم الدار. قال الطيبي: استعار القميص للخلافة ورشحها بقوله على خلعه. قوله: (وفي الحديث قصة طويلة) لم أقف على من أخرج هذا الحديث بالقصة الطويلة. قوله: (هذا حديث حسن غريب) وأخرجه ابن ماجه
3860- حَدّثَنَا أَحْمَدُ بنُ إبْرَاهِيمَ الدّوْرَقِيّ حدثنا الجوهري حدثنا العَلاءُ بنُ عَبْدِ الْجبّارِ العَطّارُ حدثنا الْحَارِثُ بنُ عُمَيرٍ عَن عُبَيْدِ اللّهِ بنِ عُمَرَ عَن نَافِعٍ عَن ابنِ عُمَرَ قالَ: "كُنّا نَقُولُ وَرَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم حَيّ أَبُو بَكْرِ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ". قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ يُسْتَغْربُ مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللّهِ بنِ عُمَرَ. وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَن ابنِ عُمَرَ. 3861- حَدّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بنُ سعد الْجَوْهَرِيّ حدثنا شَاذَان الأسْوَدُ بنُ عامِرٍ عَن سِنَانِ بنِ هارُونَ البُرجُمِيّ عَن كُلَيْبِ بنِ وَائِلٍ عَن ابنِ عُمَرَ قالَ: "ذَكَرَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فِتْنَةً فَقالَ يُقْتَلُ فِيهَا هَذَا مَظْلُوماً لِعُثْمَانَ بنِ عَفّانَ رَضِي اللّهُ عَنْهُ". قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. من حديث ابن عمر. - قوله: (أخبرنا العلاء بن عبد الجبار العطار) الأنصاري مولاهم البصري نزيل مكة ثقة من التاسعة (حدثنا الحارث بن عمير) أبو عمير البصري نزيل مكة من الثامنة وثقه الجمهور وفي أحاديثه مناكير ضعفه بسببها الأزدي وابن حبان وغيرهما فلعله تغير حفظه في الاَخر كذا في التقريب (عن عبيد الله بن عمر) هو العمري. قوله: (ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي) جملة حالية معترضة بين القول ومقوله (أبو بكر وعمر وعثمان) أي على هذا الترتيب عند ذكرهم وبيان أمرهم رضي الله عنهم وروى البخاري من وجه آخر عن ابن عمر: كنا نخير بين الناس في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم فنخير أبا بكر ثم عمر بن الخطاب ثم عثمان بن عفان، قال الحافظ: قوله كنا نخير أي نقول فلان خير من فلان، قال وفي رواية عبيد الله بن عمر عن نافع الاَتية في مناقب عثمان كنا لا نعدل بأبي بكر ثم عمر ثم عثمان ثم نترك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا نفاضل بينهم وقوله لا نعدل بأبي بكر أي لا نجعل له مثلاً ولأبي داود من طريق سالم عن ابن عمر كنا نقول ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي أفضل أمة النبي صلى الله عليه وسلم بعده أبو بكر ثم عمر ثم عثمان. زاد الطبراني في رواية فيسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك فلا ينكره وفي الحديث تقديم عثمان بعد أبي بكر وعمر كما هو المشهور عند جمهور أهل السنة، وذهب بعض السلف إلى تقديم علي على عثمان وممن قال به سفيان الثوري ويقال إنه رجع عنه وقال به ابن خزيمة وطائفة قبله وبعده. وقيل لا يفضل أحدهما على الاَخر. قاله مالك في المدونة وتبعه جماعة منهم يحيى القطان ومن المتأخرين ابن حزم، وحديث الباب حجة للجمهور انتهى. قلت: المذهب المنصور في هذا الباب هو مذهب الجمهور. فإن قلت: قوله ثم نترك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا نفاضل بينهم يدل بظاهره على أن علياً ليس بأفضل ممن سواه والأمر ليس كذلك فإن مذهب أهل السنة أن علياً أفضل الناس بعد الثلاثة وعليه الإجماع، قلت: أجاب ابن عبد البر بأن قوله ثم نترك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ غلط أن كان سنده صحيحاً، قال الحافظ قد طعن فيه ابن عبد البر واستند إلى ما حكاه عن هارون بن إسحاق قال سمعت ابن معين يقول من قال أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وعرف لعلي سابقيته وفضله فهو صاحب سنة قال فذكرت له من يقول أبو بكر وعمر وعثمان ويسكتون فتكلم فيهم بكلام غليظ، وتعقب بأن ابن معين أنكر رأى قوم وهم العثمانية الذين يغالون في حب عثمان وينتقصون علياً ولا شك في أن من اقتصر على ذلك ولم يعرف لعلي بن أبي طالب فضله فهو مزموم، وتعقب أيضاً بأنه لا يلزم ومن سكوتهم إذ ذاك عن تفضيله عدم تفضيله على الدوام وبأن الإجماع المذكور إنما حدث بعد الزمن الذي قيده ابن عمر فيخرج حديثه عن أن يكون غلطاً ثم لم ينفرد بهذا القول نافع عن ابن عمر بل تابعه ابن الماجشون أخرجه خيثمة من طريق يوسف بن الماجشون عن أبيه عن ابن عمر كنا نقول في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبو بكر وعمر وعثمان ثم ندع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا نفاضل بينهم، ومع ذلك فلا يلزم من تركهم التفاضل إذ ذاك أن لا يكونوا اعتقدوا بعد ذلك تفضيل علي على من سواه، وقد اعترف ابن عمر بتقديم علي على غيره فقد أخرج أحمد عنه قال كنا نقول في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم: رسول الله صلى الله عليه وسلم خير الناس ثم أبو بكر ثم عمر ولقد أعطى علي بن أبي طالب ثلاث خصال لأن يكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم: زوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته وولدت له، وسد الأبواب إلا بابه في المسجد وأعطاه الراية يوم خيبر. وإسناده حسن وقد اتفق العلماء على تأويل كلام ابن عمر ثم نترك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ لما تقرر عند أهل السنة قاطبة من تقديم علي بعد عثمان ومن تقديم بقية العشرة المبشرة على غيرهم ومن تقديم أهل بدر على من لم يشهدها وغير ذلك فالظاهر أن ابن عمر إنما أراد بهذا النفي أنهم كانوا يجتهدون في التفضيل فليظهر لهم فضائل الثلاثة ظهوراً بينا فيجزمون به ولم يكونوا حينئذ اطلعوا على التنصيص انتهى كلام الحافظ ملخصاً. قوله: (وقد روى هذا الحديث من غير وجه عن ابن عمر) رواه البخاري وغيره بألفاظ. - قوله: (حدثنا شاذان الأسود بن عامر) شاذان لقب الأسود بن عامر (عن سنان بن هارون) البرجي أبي بشر الكوفي صدوق فيه لين من الثامنة (عن كليب بن وائل) التيمي المدني نزيل الكوفة صدوق من الرابعة. قوله: (يقتل) بصيغة المجهول (هذا) أي عثمان (فيها) أي في تلك الفتنة (لعثمان بن عفان) بيان هذا. قوله: (هذا حديث حسن غريب) وأخرجه أحمد وفيه: يقتل فيها هذا يومئذ ظلماً قال فنظرت فإذا هو عثمان بن عفان قال الحافظ: إسناده صحيح
3862- حَدّثَنَا الفَضْلُ بنُ أبي طالِبٍ البَغْدَادِيّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ قالُوا: حدثنا عُثْمَانُ بنُ زُفَرَ، حدثنا مُحمّدُ بنُ زِيادٍ عَن مُحمّدِ بنِ عَجْلاَنَ عَن أبي الزّبَيْرِ عَن جَابِرٍ قالَ: "أُتِيَ النبيّ صلى الله عليه وسلم بِجَنَازَةِ رَجُلٍ لِيُصَلّيَ عَلَيْهِ فَلَمْ يُصَلّ عَلَيْهِ، فَقِيلَ يا رَسُولَ اللّهِ ما رَأَيْنَاكَ تَرَكْتَ الصّلاَةَ عَلَى أحَدٍ قَبْلَ هَذَا؟ قالَ: إنّهُ كَانَ يبْغضُ عُثْمَانَ فَأَبْغَضَهُ اللّهُ". قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ غَرِيبٌ لاَ نَعْرِفَهُ إِلاّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. وَمُحمّدُ بنُ زِيادٍ هَذَا هُوَ صَاحِبُ مَيْمُونِ بنِ مَهْرَانَ ضَعِيفٌ في الْحَدِيثِ جِدّا. ومُحمّدُ بن زِيادٍ صَاحِبُ أَبي هُرَيْرَةَ وَهُوَ بَصرِيّ ثِقَةٌ وَيُكْنَى أبَا الْحَارِثِ. ومُحمّدُ بنُ زِيَادٍ الألْهَانِيّ صَاحِبُ أَبي أُمَامَةَ ثِقَةٌ يُكْنَى أَبَا سُفْيَانَ شَامِيّ. - قوله: (حدثنا الفضل بن أبي طالب البغدادي) هو الفضل بن جعفر (أخبرنا عثمان بن زفر) بن مزاحم التيمي أبو زفر أو أبو عمر الكوفي صدوق من كبار العاشرة قوله: (أتى) بصيغة المجهول (تركت الصلاة) أي صلاة الجنازة (قبل هذا) أي قبل هذا الرجل. قوله: (ومحمد بن زياد هذا هو صاحب ميمون بن مهران) أي تلميذه (ضعيف في الحديث جداً) بكسر الجيم وشدة الدال أي بالغ الغاية في الضعف يقال فلان عظيم جداً أي بالغ الغاية في العظم والنصب على المصدر، قال في التقريب محمد بن زياد اليشكري الطحان الأعور اتفاقاً الميموني الرقي ثم الكوفي كذبوه
3863- حَدّثَنَا أحْمَدُ بنُ عَبْدَةَ الضّبّيّ، حدثنا حَمّادُ بنُ زَيْد عَن أَيّوبَ عَن أَبي عُثْمَانَ النّهْدِيّ عَن أبي مُوسَى الأشْعَرِيّ قالَ: "انْطَلَقْتُ مَعَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَدَخَلَ حَائِطاً لِلأَنْصَارِ فَقَضَى حَاجَتَهُ فقالَ لِي: يا أَبَا مُوسَى امْلِكْ عَلَيّ البَابَ فَلاَ يَدْخُلَنّ عَلَيّ أحَدٌ إلاّ بِإِذْنٍ، فَجَاءَ رَجُلُ يَضَرَبَ البَابَ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا؟ قالَ: أَبُو بَكْرٍ فَقلت: يا رَسُولَ اللّهِ هَذَا أبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ؟ قالَ: ائْذَنْ لَهُ وَبَشّرْهُ بالْجَنَةِ، فَدَخَلَ وَبشّرْتُهُ بالْجَنّةِ، وَجَاءَ رَجُلٌ آخَرُ فَضَرَبَ البَابَ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا؟ فقالَ: عُمَرُ، فَقلت: يَا رَسُولَ اللّهِ هَذَا عمَرُ يَسْتَأْذِنُ، قالَ: افْتَحْ وَبشّرْهُ بالْجَنّةِ فَفَتَحْتُ الباب وَدَخَلَ وَبشّرْتُهُ بالْجَنّةِ، فَجَاءَ رَجُلٌ آخَرُ فَضَرَبَ البَابَ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا؟ فقالَ: عُثْمَانُ، قلت: يا رَسُولَ اللّهِ هَذَا عُثْمَانُ يَسْتَأْذِنُ، قالَ: افْتَحْ لَهُ وَبَشّرْهُ بالجنّةِ عَلَى بَلْوًى تُصِيبُهُ". قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ. وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَن أَبي عُثْمَانَ النّهْدِيّ. وفي البابِ عَن جَابِرٍ وابنِ عُمَرَ. 3864- حَدّثَنَا سُفْيَانُ بنُ وَكِيعٍ حدثنا أَبِي وَ يَحيْى بنُ سَعِيدٍ عَن إسْمَاعِيلَ بنِ أَبي خَالِدٍ عَن قَيْسٍ بن أبي حازم حدثني أَبو سَهْلَةَ قالَ: "قالَ لِي عُثْمَانُ يَوْمَ الدّارِ إنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ عَهِدَ إِليّ عَهْداً فأنَا صَابِرٌ عَلَيْهِ". قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ. غريب لاَ نَعْرِفُهُ إلاّ مِنْ حَدِيثِ إسْمَاعِيلَ بنِ أَبي خالِدٍ. - قوله: (فدخل حائطاً) أي بستاناً (أملك علي) بتشديد الياء (الباب) أي احفظه علي، وفي رواية للبخاري: وأمرني بحفظ باب الحائط (قال أبو بكر) أي أنا أبو بكر (وبشرته بالجنة) زاد البخاري في رواية: فحمد الله. وكذا في عمر (افتح له) أي الباب (على بلوى تصيبه) أشار النبي صلى الله عليه وسلم بهذا إلى ما أصاب عثمان في آخر خلافته من الشهادة يوم الدار. قال النووي: في الحديث فضيلة هؤلاء الثلاثة وأنهم من أهل الجنة وفضيلة لأبي موسى، وفيه معجزة ظاهرة للنبي صلى الله عليه وسلم لإخباره بقصة عثمان والبلوي وأن الثلاثة يستمرون عن الإيمان والهدى. قوله: (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه أحمد والشيخان. قوله: (وفي الباب عن جابر وابن عمر) أما حديث جابر فلينظر من أخرجه، وأما حديث ابن عمر فأخرجه الطبراني وفيه إبراهيم بن عمر بن أبان وهو ضعيف. - قوله: (حدثنا أبي) أي وكيع بن الجراح (ويحيى بن سعيد) هو القطان عن إسماعيل بن أبي خالد الأحمسي البجلي (عن قيس) هو ابن أبي حازم (حدثني أبو سهلة) مولى عثمان بن عفان ثقة من الثالثة وليس له عند الترمذي وابن ماجه غير هذا الحديث. قوله: (قد عهد إلي عهداً) أي أوصاني أن لا أخلع بقوله: "وإن أرادوك عن خلعه فلا تخلعه لهم" (فأنا صابر عليه) أي عن ذلك العهد. قوله: (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه ابن ماجه، وفي سند الترمذي سفيان بن وكيع وهو متكلم فيه ولكنه قد تابعه محمد بن عبد الله بن نمير وعلي بن محمد عند ابن ماجه.
ابن عبد المطلب القرشي الهاشمي، وهو ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم شقيق أبيه واسمه عبد مناف على الصحيح ولد قبل البعثة بعشر سنين على الراجح، وكان قد رباه النبي صلى الله عليه وسلم من صغره لقصة مذكورة في السيرة النبوية فلازمه من صغره فلم يفارقه إلى أن مات، وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم وكانت ابنة عمة أبيه وهي أول هاشمية ولدت لهاشمي، وقد أسلمت وصحبت وماتت في حياة النبي صلى الله عليه وسلم. قال أحمد وإسماعيل القاضي والنسائي وأبو علي النيسابوري لم يرد في حق أحد من الصحابة بالأسانيد الجياد أكثر ما جاء في علي، وروى يعقوب بن سفيان بإسناد صحيح عن عروة قال أسلم علي وهو ابن ثمان سنين، وقال ابن إسحاق عشر سنين وهذا أرجحهما وقيل غير ذلك (يقال وله كنيتان أبو تراب وأبو الحسن) وفي بعض النسخ وله كنيتان يقال له أبو تراب وأبو الحسن وهو الظاهر، وفي حديث سهل بن سعد عند البخاري: دخل علي على فاطمة ثم خرج فاضطجع في المسجد فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أين ابن عمك"؟ قالت في المسجد فخرج إليه فوجد رداءه قد سقط عن ظهره وخلص التراب إلى ظهره فجعل يمسح عن ظهره فيقول: "اجلس يا أبا تراب مرتين" 3865- حَدّثَنَا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ حدثنا جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ الضّبَعِيّ عَن يَزِيدَ الرّشْكِ عَن مُطَرّفِ بنِ عَبْدِ اللّهِ عَن عُمْرَانَ بنِ حُصَيْنِ قالَ: "بَعَثَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم جَيْشاً وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ عَلِيّ بنَ أَبي طالِبٍ فَمَضَى في السّرِيّةِ فَأَصَابَ جارِيَةً فأنْكَرُوا عَلَيْهِ وَتَعَاقَدَ أرْبَعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فقالُوا إِنْ لَقِينَا رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم أخْبَرْنَاهُ بِمَا صَنَعَ عَلِيّ. وَكانَ الْمسِلمُونَ إِذَا رَجَعُوا مِنْ سَفَرٍ بَدَأُوا بِرَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَلَمُوا عَلَيْهِ ثمّ انْصَرَفُوا إِلى رِحَالِهِمْ، فَلَمّا قَدِمَتِ السّرِيّةُ سَلمُوا عَلَى النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقامَ أَحَدُ الأرْبَعَةِ فقالَ يا رَسُولَ اللّهِ: أَلَمْ تَرَ إلى عَلِيّ بنِ أَبي طَالِبٍ صَنَعَ كَذَا وَكَذَا. فأعْرَضَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: ثُمّ قامَ الثّانِي فقالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ فأعْرَضَ عَنْهُ، ثُمّ قامَ إلَيْهِ الثّالِثُ فقالَ مِثْلَ مَقالَتِهِ فأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمّ قامَ الرّابِعُ فقالَ مِثْلَ مَا قالُوا فأَقْبَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم وَالغَضَبُ يُعْرَفُ في وجْهِهِ فقالَ ما تُرِيدُونَ مِنْ عَلِيَ، ما تُرِيدُونَ مِنْ عَلِيَ، ما تُرِيدُونَ مِنْ عَلِيَ؟ إِنّ عَلِيّا مِنّي وَأَنَا مِنْهُ، وَهُوَ وَلِيّ كُلّ مُؤْمِنٍ مِنْ بَعْدِي" قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لاَ نَعْرِفُهُ إِلاّ مِنْ حَدِيثِ جَعْفَرِ بنِ سُلَيْمَانَ. 3866- حدثنا مُحمّدُ بنُ بَشّارٍ، حدثنا مُحمّدُ بنُ جَعْفَرٍ، حدثنا شُعْبَةُ عَن سَلَمَةَ بنِ كُهَيْلٍ قالَ: سَمِعْتُ أبَا الطّفَيْلِ يُحَدّثُ عَن أبي سَرِيحَةَ أَوْ زَيْدِ بنِ أَرْقَمَ شَكّ شُعْبَةُ عَن النبيّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعَلِيّ مَوْلاَهُ" قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ. وقد رَوَى شُعْبَةُ هَذَا الْحَدِيثَ عَن مَيْمُونٍ أَبِي عبْدِ اللّهِ عَن زَيْدِ بنِ أرْقَمَ عَن النبيّ صلى الله عليه وسلم. وأَبُو سَرِيحَةَ هُوَ حُذَيْفَةُ بنُ أَسِيدٍ الغفاري صَاحِبُ النبيّ صلى الله عليه وسلم. 3867- حَدّثَنَا أَبُو الْخطّابِ زِيادُ بنُ يَحيْى البَصْرِيّ حدثنا أبُو عَتّابٍ سَهْلُ بنُ حَمّادٍ حدثنا المُخْتَارُ بنُ نافِعٍ حدثنا أَبُو حَبّانَ التّيْمِيّ عَن أبيهِ عَن عَلِيَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "رَحِمَ اللّهُ أَبا بَكْرٍ، زَوّجَنِي ابْنَتَهُ، وَحَمَلَنِي إلى دَارِ الْهِجْرَةِ، وَأَعْتَقَ بِلاَلاً مِنْ مَالِهِ. رَحِمَ اللّهُ عُمَرَ يقولُ الْحَقّ وَإِنْ كَانَ مُرّا. تَرَكَهُ الْحَقّ وَمَالَهُ صَدِيقٌ. رَحِمَ اللّهُ عثْمَانَ تَسْتَحْييهُ المَلاَئِكَةُ. رَحِمَ اللّهُ عَلِيّا اللّهُمّ أَدِرْ الْحَقّ مَعَهُ حَيْثُ دَارَ" قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ غَرِيبٌ لاَ نَعْرِفُهُ إِلاّ مِنْ هَذَا الوَجْهِ. والمختار بن نافع شيخ بصري كثير الغرائب. 3868- حَدّثَنَا سُفْيَانُ بنُ وَكِيعٍ حدثنا أَبِي عَن شَرِيكٍ عَن مَنْصُورٍ عَن رِبْعِيّ بنِ حِرَاشٍ قالَ: أَخبرنا عَلِيّ بنُ أبي طَالِبٍ بالرّحَبَةِ فقالَ: "لَمّا كَانَ يَوْمُ الْحُدَيْبِيّةِ خَرَجَ إِلَيْنَا نَاسٌ مِنَ المُشْرِكِينَ فِيهِمْ سُهَيْلُ بنُ عَمْروٍ وَأُنَاسٌ مِنْ رُؤُسَاءِ المُشْرِكِينَ فقالُوا: يا رَسُولَ اللّهِ، خَرَجَ إلَيْكَ نَاسٌ مِنْ أَبْنَائِنا وَإخْوَانِنَا وَأرِقّائِنَا وَلَيْسَ لَهُمْ فِقْهٌ في الدّينِ، وإِنّمَا خَرَجُوا فِرَاراً مِنْ أَمْوَالِنَا وَضِيَاعِنَا فارْدُدْهُمْ إِلَيْنَا فإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِقْهٌ في الدّينِ سَنُفَقّهُهُمْ؟ فقالَ النبيّ صلى الله عليه وسلم: يا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ لَتَنْتَهُنّ أَوْ لَيَبْعَثَنّ اللّهُ عَلَيْكُمْ مَنْ يَضْرِبُ رِقَابَكُمْ بالسّيْفِ عَلَى الدّينِ، قَدِ امْتَحَنَ اللّهُ قُلُوبَهُمْ عَلَى الإيمَانِ، قالُوا مَنْ هُوَ يا رَسُولَ اللّهِ؟ فقالَ لَهُ أبُو بَكْرٍ مَنْ هُوَ يا رَسُولَ اللّهِ؟ وَقال عُمَرُ مَنْ هُوَ يا رَسُولَ اللّهِ؟ قالَ: هُوَ خَاصِفُ النّعْلِ وكانَ أَعْطَى عَلِيّا نَعْلَهُ يَخْصِفُهَا، قالَ ثُمّ التَفَتَ إلَيْنَا عَلِيّ فقالَ إنّ رَسُولَ صلى الله عليه وسلم قالَ: مَنْ كَذَبَ عَلَيّ مُتَعَمّداً فَلْيَتَبَوّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النّارِ" قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ غَرِيبٌ لانَعْرِفُهُ إلاّ مِنْ هَذَا الوَجْهِ مِنْ حَدِيثِ رِبْعِيَ عَن عَلِيّ. - قوله: (عن مطرف بن عبد الله) أي ابن الشخير (واستعمل عليهم علي بن أبي طالب) أي جعله أميراً عليهم، وفي رواية أحمد أمر عليهم علي بن أبي طالب (فمضى في السرية) هي طائفة من جيش أقصاها أربعمائة تبعث إلى العدو وجمعها السريا (فأصاب جارية) أي وقع عليها وجامعها. واستشكل وقوع علي على الجارية بغير استبراء وأجيب بأنه محمول على أنها كانت بكراً غير بالغ ورأى أن مثلها لا يستبرأ كما صار إليه غيره من الصحابة، ويجوز أن تكون حاضت عقب صيرورتها له ثم طهرت بعد يوم وليلة ثم وقع عليها وليس في السياق ما يدفعه (فأنكروا عليه) أي على علي، ووجه إنكارهم أنهم رأوا أنه أخذ من المغنم فظنوا أنه غل، وفي حديث بريدة عند البخاري قال بعث النبي صلى الله عليه وسلم علياً إلى خالد ليقبض الخمس وكنت أبغض علياً وقد اغتسل فقلت لخالد: ألا ترى إلى هذا فلما قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم ذكرت ذلك له فقال: "يا بريدة: أتبغض علياً"؟ فقلت نعم. قال: "لا تبغضه فإن له في الخمس أكثر من ذلك" (وتعاقد) أي تعاهد (وكان المسلمون إذا رجعوا من سفر الخ) وفي رواية أحمد قال عمران وكنا إذا قدمنا من سفر بدأنا برسول الله صلى الله عليه وسلم (إلى رحالهم) أي إلى منازلهم وبيوتهم (فأقبل إليه) وفي رواية أحمد: فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرابع (والغضب يعرف في وجهه) جملة حالية، وفي رواية أحمد وقد تغير وجهه (ما تريدون من علي الخ) وفي رواية أحمد: "دعوا علياً دعوا علياً" (إن علياً مني وأنا منه) أي في النسب والصهر والمسابقة والمحبة وغير ذلك من المزايا ولم يرد محض القرابة وإلا فجعفر شريكه فيها. قاله الحافظ في الفتح، وقال النووي في شرح قوله صلى الله عليه وسلم في شأن جليبيب رضي الله عنه "هذا مني وأنا منه"، معناه المبالغة في أتحاد طريقتهما، واتفاقهما في طاعة الله تعالى. تنبيه: احتج الشيعة بقوله صلى الله عليه وسلم "إن علياً مني وأنا منه" على أن علياً رضي الله عنه أفضل من سائر الصحابة رضي الله عنهم زعماً منهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل علياً من نفسه حيث قال: "إن علياً مني" ولم يقل هذا القول في غير علي. قلت: زعمهم هذا باطل جداً فإنه ليس معنى قوله صلى الله عليه وسلم "إن علياً مني" أنه جعله من نفسه حقيقة، بل معناه هو ما قد عرفت آنفاً، وأما قولهم لم يقل هذا القول في غير علي فباطل أيضاً فإنه صلى الله عليه وسلم قد قال هذا القول في شأن جليبيب رضي الله تعالى عنه، ففي حديث أبي برزة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في مغزى له فأفاء الله عليه فقال لأصحابه: "هل تفقدون من أحد"؟ قالوا نعم فلاناً وفلاناً وفلاناً الحديث وفيه قال: "لكني أفقد جليبيباً فاطلبوه" فطلب في القتلى فوجدوه إلى جنب سبعة قد قتلهم ثم قتلوه. فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فوقف عليه فقال: "قتل سبعة ثم قتلوه هذا مني وأنا منه". ورواه مسلم، وقال صلى الله عليه وسلم هذا القول في شأن الأشعريين. ففي حديث أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو أو قل طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية فهم مني وأنا منهم". رواه مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم هذا القول في شأن بني ناجية، ففي حديث سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبني ناجية: أنا منهم وهم مني. رواه أحمد في مسنده (وهو ولي كل مؤمن من بعدي) كذا في بعض النسخ بزيادة من، ووقع في بعضها بعدي بحذف من وكذا وقع في رواية أحمد في مسنده، وقد استدل به الشيعة على أن علياً رضي الله عنه كان خليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير فصل، واستدلالهم به عن هذا باطل فإن مداره عن صحة زيادة لفظ بعدي وكونها صحيحة محفوظة قابلة للاحتجاج والأمر ليس كذلك فإنها قد تفرد بها جعفر بن سليمان وهو شيعي بل هو غال في التشيع، قال في تهذيب التهذيب: قال الدوري كان جعفر إذا ذكر معاوية شتمه وإذا ذكر علياً قعد يبكي، وقال ابن حبان في كتاب الثقات: حدثنا الحسن بن سفيان حدثنا إسحاق بن أبي كامل حدثنا جرير بن يزيد بن هارون بين يدي أبيه قال بعثني أبي إلى جعفر فقلت بلغنا أنك تسب أبا بكر وعمر؟ قال أما السب فلا ولكن البغض ما شئت فإذا هو رافضي الحمار انتهى فسبه أبا بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما ينادي بأعلى نداء أنه كان غالياً في التشيع، لكن قال ابن عدي عن زكرياء الساجي: وأما الحكاية التي حكيت عنه فإنما عنى به جارين كانا له قد تأذى بهما يكنى أحدهما أبا بكر ويسمى الاَخر عمر فسئل عنهما فقال أما السب فلا ولكن بغضا مالك ولم يعن به الشيخين أو كما قال انتهى. فإن كان كلام ابن عدي هذا صحيحاً فغلوه منتف وإلا فهو ظاهر، وأما كونه شيعياً فهو بالاتفاق، قال في التقريب: جعفر بن سليمان الضبعي أبو سليمان البصري صدوق زاهد لكنه كان يتشيع انتهى، وكذا في الميزان وغيره، وظاهر أن قوله بعدي في هذا الحديث مما يقوى به معتقداً الشيعة وقد تقرر في مقره أن المبتدع إذا روى شيئاً يقوى به بدعته فهو مردود. قال الشيخ عبد الحق الدهلوي في مقدمته: والمختار أنه إن كان داعياً إلى بدعته ومروجاً له رد وإن لم يكن كذلك قبل إلا أن يروي شيئاً يقوى به بدعته فهو مردود قطعاً انتهى. فإن قلت: لم يتفرد بزيادة قوله بعدي جعفر بن سليمان بل تابعه عليها أجلح الكندي فروى الإمام أحمد في مسنده هذا الحديث من طريق أجلح الكندي عن عبد الله بن بريدة عن أبيه بريدة قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثين إلى اليمن على أحدهما علي بن أبي طالب وعلى الاَخر خالد بن الوليد الحديث وفي آخره: "لا تقع في علي فإنه مني وأنا منه وهو وليكم بعدي وإنه مني وأنا منه وهو وليكم بعدي". قلت: أجلح الكندي هذا أيضاً شيعي قال في التقريب: أجلح بن عبد الله بن حجية يكنى أبا حجية الكندي يقال اسمه يحيى صدوق شيعي انتهى، وكذا في الميزان وغيره، والظاهر أن زيادة بعدي في هذا الحديث من وهم هذين الشيعيين، ويؤيده أن الإمام أحمد روى في مسنده هذا الحديث من عدة طرق ليست في واحدة منها هذه الزيادة. فمنها ما رواه من طريق الفضل بن دكين حدثنا ابن أبي عيينة عن الحسن عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن بريدة قال غزوت مع علي اليمن فرأيت منه جفوة الحديث وفي آخره فقال: "يا بريدة ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم"؟ قلت بلى يا رسول الله قال "من كنت مولاه فعلي مولاه". ومنها ما رواه من طريق أبي معاوية حدثنا الأعمش عن سعيد بن عبيدة عن ابن بريدة عن أبيه قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية الحديث. وفي آخره: "من كنت وليه فعلي وليه". ومنها ما رواه من طريق وكيع حدثنا الأعمش عن سعد بن عبيدة عن ابن بريدة عن أبيه أنه مر على مجلس وهم يتناولون من علي الحديث وفي آخره: من كنت وليه فعلي وليه. فظهر بهذا كله أن زيادة لفظ بعدي في هذا الحديث ليست بمحفوظة بل هي مردودة، فاستدلال الشيعة بها على أن علياً رضي الله عنه كان خليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير فصل باطل جداً. هذا ما عندي والله تعالى أعلم. وقال الحافظ ابن تيمية في منهاج السنة، وكذلك قوله: "هو ولي كل مؤمن بعدي" كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم بل هو في حياته وبعد مماته ولي كل مؤمن وكل مؤمن وليه في المحيا والممات، فالولاية التي هي ضد العداوة لا تختص بزمان، وأما الولاية التي هي الإمارة فيقال فيها والي كل مؤمن بعدي كما يقال في صلاة الجنازة إذا اجتمع الولي والوالي قدم الوالي في قول الأكثر وقيل يقدم الولي وقول القائل علي ولي كل مؤمن بعدي كلام يمتنع نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم فإنه إن أراد الموالاة لم يحتج أن يقول بعدي وإن أراد الإمارة كان ينبغي أن يقول وال على كل مؤمن انتهى. فإن قلت: لم يتفرد جعفر بن سليمان بقوله: "هو ولي كل مؤمن بعدي" بل وقع هذا اللفظ في حديث بريدة عند أحمد في مسنده ففي آخره لا تقع في علي "فإنه مني وأنا منه وهو وليكم بعدي وإنه مني وأنا منه وهو وليكم بعدي". قلت: تفرد بهذا اللفظ في حديث بريدة أجلح الكندي وهو أيضاً شيعي. قوله: (هذا حديث غريب) وأخرجه أحمد. - قوله: (سمعت أبا الطفيل) اسمه عامر بن واثلة بن عبد الله الليثي (يحدث عن أبي سريحة) بفتح أوله وكسر الراء اسمه حذيفة بن أسيد بفتح الهمزة الغفاري صحابي من أصحاب الشجرة. قوله: (من كنت مولاه فعلي مولاه) قيل معناه من كنت أتولاه فعلي يتولاه من الولي ضد العدو. أي من كنت أحبه فعلي يحبه وقيل معناه من يتولاني فعلي يتولاه ذكره القاري عن بعض علمائه، وقال الجزري في النهاية: قد تكرر ذكر المولى في الحديث وهو اسم يقع على جماعة كثيرة فهو الرب والمالك والسيد والمنعم والمعتق والناصر والمحب والتابع والجار وابن العم والحليف والعقيد والصهر والعبد والمعتق والمنعم عليه وأكثرها قد جاء في الحديث فيضاف كل واحد إلى ما يقتضيه الحديث الوارد فيه وكل من ولي أمراً أو قام به فهو مولاه ووليه، وقد تختلف مصادر هذه الأسماء فالولاية بالفتح في النسب والنصرة والمعتق، والولاية بالكسر في الإمارة والولاء في المعتق والموالاة من والي القوم ومنه الحديث: "من كنت مولاه فعلي مولاه" يحمل على أكثر الأسماء المذكورة. قال الشافعي رضي الله عنه يعني بذلك ولاء الإسلام كقوله تعالى {ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم} وقول عمر لعلي: أصبحت مولى كل مؤمن أي ولي كل مؤمن، وقيل سبب ذلك أن أسامة قال لعلي لست مولاي إنما مولاي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال صلى الله عليه وسلم: "من كنت مولاه فعلي مولاه" انتهى. وفي شرح المصابيح للقاضي: قالت الشيعة هو المتصرف وقالوا معنى الحديث أن علياً رضي الله عنه يستحق التصرف في كل ما يستحق الرسول صلى الله عليه وسلم التصرف فيه. ومن ذلك أمور المؤمنين فيكون إمامهم، قال الطيبي: لا يستقيم أن تحمل الولاية على الإمامة التي هي التصرف في أمور المؤمنين لأن المتصرف المستقل في حياته صلى الله عليه وسلم هو هو لا غيره فيجب أن يحمل على المحبة وولاء الإسلام ونحوهما انتهى كذا في المرقاة. قوله: (هذا حديث حسن غريب) وأخرجه أحمد والنسائي والضياء. وفي الباب عن بريدة أخرجه أحمد، وعن البراء بن عازب أخرجه أحمد وابن ماجه وعن سعد بن أبي وقاص أخرجه ابن ماجه، وعن علي أخرجه أحمد. - قوله: (حدثنا المختار بن نافع) التيمي ويقال العكلي أبو إسحاق التمار الكوفي ضعيف من السادسة (أخبرنا أبو حيان) اسمه يحيى بن سعيد بن حيان (عن أبيه) أي سعيد بن حيان التيمي الكوفي وثقه العجلي من الثالثة. قوله: (رحم الله أبا بكر) إنشاء بلفظ الخبر (زوجني ابنته) أي عائشة (وحملني إلى دار الهجرة) أي المدينة على بعيره ولو على قبول ثمنه (وأعتق بلالاً) أي الحبشي المؤذن لما رآه يعذب في الله (رحم الله عمر) بن الخطاب (وإن كان مراً) أي كريهاً عظيم المشقة على قائله ككراهة مذاق الشيء المر (تركه الحق وما له صديق) أي صيره قوله الحق والعمل به على حالة ليس له محب وخليل لعدم انقياد أكثر الخلق للحق. قال الطيبي: قوله تركه الخ جملة مبينة لقوله: يقول الحق وإن كان مراً لأن تمثيل الحق بالمرارة يؤذن بأستبشاع الناس من سماع الحق استبشاع من يذوق العلقم فيقل لذلك صديقه، وقوله: وما له صديق حال من المفعول إذا جعل ترك بمعنى خلى وإذا ضمن معنى صير كان هذا مفعولاً ثانياً والواو فيه داخلة على المفعول الثاني كما في بعض الأشعار (رحم الله عثمان) أي ابن عفان (تستحييه الملائكة) أي تستحي منه وكان أحي هذه الأمة (رحم الله علياً) أي ابن أبي طالب (اللهم أدر الحق) أمر من الإدارة أي اجعل الحق دائراً وسائراً (حيث دار) أي علي، ومن ثم كان أقضى الصحابة وأعلمهم. قوله: (هذا حديث غريب) في سنده المختار بن نافع وهو ضعيف كما عرفت. - قوله: (عن شريك) هو ابن عبد الله النخعي القاضي (عن منصور) هو ابن المعتمر. قوله: (بالرحبة) أي رحبة الكوفة والرحبة فضاء وفسحة بالكوفة كان علي يقعد فيها لفصل الخصومات (وأرقائنا) جمع رقيق أي عبيدنا (وضياعنا) جمع ضيعة وهي العقار وهو من عطف الخاص على العام (سنفقههم) من التفقيه وهو التفهيم والفقه الفهم (لتنتهن) أي عما قلتم (قد امتحن الله قلوبهم) أي اختبرها كذا وقع في بعض النسخ بجمع الضمير وهو راجع إلى قوله: ناس من أبنائنا وإخواننا وأرقائنا، ووقع في بعض النسخ قلبه بإفراد الضمير وهو الظاهر والضمير راجع إلى من (يخصفها) أي يخرزها من الخصف وهو الضم والجمع (ثم التفت إلينا علي فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من كذب علي الخ) مقصود علي بالالتفات إليهم وذكر حديث: من كذب علي أنه قد سمع الحديث المذكور من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكذب عليه.
3869- حدثنا قتيبة أخبرنا جعفر بن سليمان عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري قال: "إن كنا لنعرف المنافقين نحن معشر الأنصار ببغضهم علي بن أبي طالب". هذا حديث غريب. وقد تكلم شعبة في أبي هارون العبدي وقد روي هذا عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد. - قوله: (حدثنا جعفر بن سليمان) هو الضبعي. قوله: (إن كنا) إن مخففة من المثقلة (معشر الأنصار) بالنصب على الاختصاص (ببغضهم علي بن أبي طالب) لأنه لا يبغض علياً إلا منافق كما في الحديث الاَتي (وقد تكلم شعبة في أبي هارون العبدي) قال الحافظ: اسمه عمارة بن جوين متروك ومنهم من كذبه شيعي.
3870- حَدّثَنَا وَاصِلُ بنُ عَبْدِ الأعْلَى حدثنا مُحمّدُ بنُ فُضَيْلٍ عَن عَبْدِ اللّهِ بنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ أَبي النَصْر عَن المُسَاوِرِ الْحِمْيَرِيّ عَن أُمّهِ قالَتْ: "دَخَلْتُ عَلَى أُمّ سَلَمَة فَسَمِعْتُهَا تَقُولُ كانَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: لا يُحِبّ عَلِيّا مُنَافِقٌ، وَلا يُبْغِضُهُ مُؤْمِنٌ" قال: وفي البابِ عَن عَلِيَ وهَذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الوجْهِ. وعبد الله بن عبد الرحمن هو أبو نصر الوراق وروى عنه سفيان الثوري. - قوله: (عن عبد الله بن عبد الرحمن أبي نصر) الضبي الكوفي ثقة من الخامسة له في الترمذي حديثان أحدهما هذا والاَخر في موت المرأة وزوجها راض عنها (عن المساور الحميري) مجهول من السادسة (عن أمه) قال في التقريب أم مساور الحميري لا يعرف حالها من الرابعة. قوله: (وفي الباب عن علي) أخرجه أحمد ومسلم عن زر بن حبيش قال قال علي رضي الله عنه: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لعهد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم إلى أن "لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق". قوله: (هذا حديث حسن غريب) وأخرجه أحمد. قال الذهبي في ترجمة المساور فيه جهالة وخبره منكر.
3871- حَدّثَنَا إسماعيلُ بنُ مُوسَى الفَزَارِيّ ابنُ بِنْتِ السّدّيّ حدثنا شَرِيكٌ عَن أبي رَبِيعَةَ عَن ابنِ بُرَيْدَةَ عَن أَبيهِ قالَ: قالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "إنّ اللّهَ أَمَرَنِي بِحُبّ أرْبَعَةٍ وَأخْبَرَنِي أنّهُ يحِبّهُمْ، قِيلَ يا رَسُولَ اللّهِ سَمّهِمْ لَنَنا؟ قالَ عَلِيّ مِنْهُمْ يَقُولُ ذَلِكَ ثَلاَثاً وَأَبُو ذَرَ وَالمِقْدَادُ وَسَلْمَانُ. وَأَمَرَنِي بِحُبّهِمْ وَأَخْبَرَنِي أَنّهُ يُحِبّهُمْ" قال هَذا حديثٌ حَسَنٌ غريب لاَ نَعْرِفُهُ إِلاّ مِنْ حَدِيثِ شَرِيكٍ. - قوله: (حدثنا شريك) هو ابن عبد الله القاضي (عن أبي ربيعة) الأيادي (عن ابن بريدة) هو عبد الله (عن أبيه) هو بريدة بن الحصيب. قوله: (إن الله أمرني بحب أربعة) أي من الرجال على الخصوص (وأخبرني أنه) أي الله تبارك وتعالى (سمهم لنا) أي بين أسماءهم لنا حتى نحن نحبهم أيضاً تبعاً لمحبة الله ورسوله (قال) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم (علي) أي ابن أبي طالب (منهم) أي الأربعة (يقول ذلك ثلاثاً) أي للإشعار بأنه أفضلهم أو يحبه قدر ثلاثتهم. قاله القاري (وأبو ذر) الغفاري (والمقداد) أي ابن عمرو بن ثعلبة الكندي (وسلمان) أي الفارسي (وأمرني) أي الله سبحانه وتعالى (وأخبرني أنه) أي الله سبحانه وتعالى (يحبهم) قال القاري قوله: "أمرني بحبهم" الخ فذلكة مفيدة لتأكيد ما سبق. قوله: (هذا حديث حسن غريب) وأخرجه ابن ماجه والحاكم.
3872- حَدّثَنَا إسمَاعِيلُ بنُ مُوسَى، حدثنا شَرِيكٌ عَن أبي إِسْحَاقَ، عَن حُبْشِيّ بنِ جُنَادَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "عَلِيّ مِنّي وأنَا مِنْ عَلِيَ وَلاَ يُؤَدّي عَنّي إلاّ أنَا أوْ عَلِيّ" قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ صحيح. 3873- حَدّثَنَا يُوسُفُ بنُ مُوسَى القَطّانُ البَغْدَادِيّ حدثنا عَلِيّ بنُ قَادِمٍ حدثنا عَلِيّ بنُ صَالحِ بنِ حَيَ عَن حَكِيمِ بنِ جُبَيْرٍ عَن جَمِيعِ بنِ عُمَيْرٍ التّيْمِيّ عَن ابنِ عُمَرَ قالَ: "اخَى رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَصْحَابِهِ فَجَاءَ عَلِيّ تَدْمَعُ عَيْنَاهُ فقالَ: يا رَسُولَ اللّهِ اخَيْتَ بَيْنَ أَصْحَابِكَ وَلَمْ تُؤَاخِ بَيْنِي وَبَيْنَ أحَدٍ، فقالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم أنْتَ أَخِي في الدّنْيَا والاَخِرَةِ" قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. في الباب عَن زَيْدِ بنِ أَبِي أَوْفَى - قوله: (حدثنا إسماعيل بن موسى) الفزاري (عن أبي إسحاق) هو السبيعي (عن حبشي) بضم حاء مهملة ثم موحدة ساكنة ثم معجمة بعدها ياء ثقيلة (بن جنادة) بضم جيم وخفة نون وإهمال دال السلولي بفتح المهملة صحابي نزل الكوفة. قوله: (علي مني وأنا من علي) تقدم معناه في شرح حديث عمران بن حصين أول أحاديث مناقب علي (ولا يؤدي عني) أي نبذ العهد (إلا أنا أو علي) كان الظاهر أن يقال لا يؤدي عني إلا علي فأدخل أنا تأكيداً لمعنى الاتصال في قوله علي مني وأنا منه. قال التوربشتي: كان من دأب العرب إذا كان بينهم مقاولة في نقض وإبرام وصلح ونبذ عهد أن لا يؤدي ذلك إلا سيد القوم أو من يليه من ذوي قرابته القريبة ولا يقبلون ممن سواهم، فلما كان العام الذي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر رضي الله عنه أن يحج بالناس رأى بعد خروجه أن يبعث علياً- كرم الله وجهه- خلفه لينبذ إلى المشركين عهدهم ويقرأ عليهم سورة براءة وفيها {إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا} إلى غير ذلك من الأحكام فقال قوله هذا تكريماً له بذلك انتهى. قال القاري: واعتذاراً لأبي بكر في مقامه هنالك ولذا قال الصديق لعلي حين لحقه من ورائه أمير أو مأمور فقال بل مأمور، وفيه إيماء إلى أن إمارته إنما تكون متأخرة عن خلافة الصديق كما لا يخفى عن ذوي التحقيق. قوله: (هذا حديث حسن غريب صحيح) وأخرجه أحمد والنسائي وابن ماجه. - قوله: (حدثنا علي بن صالح) بن صالح (بن حي) الهمداني أبو محمد الكوفي أخو الحسين بن صالح وهما توأمان ثقة عابد من السابعة. قوله: (آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم) بمد الهمزة من المؤاخاة أي جعل المؤاخاة في الدين (بين أصحابه) أي اثنين اثنين كأبي الدرداء وسلمان. قوله: (هذا حديث حسن غريب) في سنده حكيم بن جبير وهو ضعيف ورمى بالتشيع وأخرجه أحمد في المناقب عن عمر بن عبد الله عن أبيه عن جده: أن النبي صلى الله عليه وسلم آخى بين الناس وترك علياً حتى بقي آخرهم لا يرى له أخاً فقال يا رسول الله آخيت بين الناس وتركتني؟ قال: "ولم تراني تركتك، تركتك لنفسي أنت أخي وأنا أخوك فإن ذكرك أحد فقل أنا عبد الله وأخو رسوله لا يدعيها بعد إلا كذاب". كذا في المرقاة. قوله: (وفيه عن زيد بن أبي أوفى) أي وفي الباب عن زيد بن أبي أوفى وهو صحابي ولم أقف على من أخرج حديثه.
3874- حَدّثَنَا سُفْيَانُ بنُ وَكِيعٍ حدثنا عُبَيْدُ اللّهِ بنُ مُوسَى عَن عِيَسَى بنِ عُمَرَ عَن السّدّيّ عَن أنَسِ بنِ مالِكٍ قالَ: "كَانَ عِنْدَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم طَيْرٌ فقالَ اللّهُمّ ائْتَنِي بِأَحَبّ خَلْقِكَ إلَيْكَ يَأْكُلُ مَعِي هَذَا الطّيْرَ فَجَاءَ عَليّ فأكَلَ مَعَهُ" قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ غَرِيبٌ لانَعَرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ السّدّيّ إلاّ مِنْ هَذَا الوَجْهِ وَقَدْ رُوِيَ هذا الحديث مِنْ غَيْرِ وَجِهٍ عَن أَنَسٍ. وعيسى بن عمر هو كوفي وَالسّدّيّ اسمه إِسمَاعيلُ بنُ عبْدِ الرّحْمَنِ وسمع من أنس بن مالك وَرَأى الْحُسَيْنَ بنَ عَلِيَ. وثقه شعبة وسفيان الثوري وزائدة ووثقه يحيى بن سعيد القطان. 3875- حَدّثَنَا خَلادُ بنُ أَسْلَمَ البَغْدَادِيّ حدثنا النّضْرُ بنُ شُمَيْلٍ أخبرنا عَوْفٌ عَن عبْدِ اللّهِ بنِ عَمْرِو بنِ هِنْدٍ الْجَمَلِيّ قالَ: "قالَ عَلِيّ كُنْتُ إذَا سَأَلْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْطَانِي وَإِذَا سَكَتّ ابْتَدَأَني" قال: هَذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. - قوله: (حدثنا عبيد الله بن موسى) العبسي الكوفي (عن عيسى بن عمر) الأسدي الهمداني بسكون الميم كنيته أبو عمر الكوفي القاري ثقة من السابعة. قوله: (كان عند النبي صلى الله عليه وسلم طير) أي مشوي أو مطبوخ أهدي إليه صلى الله عليه وسلم (يأكل معي) بالرفع ويجوز الجزم (فجاء علي فأكل معه) قال التوربشتي: هذا الحديث لا يقاوم ما أوجب تقديم أبي بكر والقول بخيريته من الأخبار الصحاح منضماً إليها إجماع الصحابة لمكان سنده فإن فيه لأهل النقل مقالاً ولا يجوز حمل أمثاله على ما يخالف الإجماع لا سيما والصحابي الذي يرويه ممن دخل في هذا الإجماع واستقام عليه مدة عمره ولم ينقل عنه خلافه فلو ثبت عنه هذا الحديث فالسبيل أن يأول على وجه لا ينقض عليه ما اعتقده ولا يخالف ما هو أصح منه متناً وإسناداً وهو أن يقال يحمل قوله بأحب خلقك على أن المراد منه ائتني بمن هو من أحب خلقك إليك فيشاركه فيه غيره وهم المفضلون بإجماع الأمة، وهذا مثل قولهم فلان أعقل الناس وأفضلهم أي من أعقلهم وأفضلهم، ومما يبين لك أن حمله على العموم غير جائز هو أن النبي صلى الله عليه وسلم من جملة خلق الله ولا جائز أن يكون علياً أحب إلى الله منه، فإن قيل ذلك شيء عرف بأصل الشرع قلنا والذي نحن فيه عرف أيضاً بالنصوص الصحيحة وإجماع الأمة فيأول هذا الحديث على الوجه الذي ذكرناه أو على أنه أراد بأحب خلقه إليه من بني عمه وذويه، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يطلق القول وهو يريد تقييده. ويعم به ويريد تخصيصه. فيعرفه ذوو الفهم بالنظر إلى الحال أو الوقت أو الأمر الذي هو فيه انتهى. قال القاري: الوجه الأول هو المعول ونظيره ما ورد أحاديث بلفظ: أفضل الأعمال: في أمور لا يمكن جمعها إلا بأن يقال في بعضها إن التقدير من أفضلها. قوله: (هذا حديث غريب الخ) قال في المختصر له طرق كثيرة كلها ضعيفة وقد ذكره ابن الجوزي في الموضوعات، وأما الحاكم فأخرجه في المستدرك وصححه واعترض عليه كثير من أهل العلم، ومن أراد استيفاء البحث فلينظر ترجمة الحاكم في النبلاء وكذا في الفوائد المجموعة للشوكاني وقال الزيلعي في تخريج الهداية ص 981 ج 1 وكم من حديث كثرت رواته وتعددت طرقه وهو حديث ضعيف كحديث الطير وحديث الحاجم والمحجوم وحديث "من كنت مولاه فعلي مولاه" بل قد لا يزيد الحديث كثرة الطرق إلا ضعفاً انتهى. وقال الذهبي في تذكرة الحفاظ في ترجمة الحاكم: قال الخطيب أبو بكر أبو عبد الله الحاكم كان ثقة يميل إلى التشيع فحدثني إبراهيم بن محمد الأرموي وكان صالحاً عالماً قال جمع الحاكم أحاديث وزعم أنها صحاح على شرط البخاري ومسلم منها حديث الطير. "ومن كنت مولاه فعلي مولاه". فأنكرها عليه أصحاب الحديث فلم يلتفتوا إلى قوله. قال الحسن بن أحمد السمرقندي الحافظ: سمعت أبا عبد الرحمن الشاذياني صاحب الحاكم يقول: كنا في مجلس السيد أبي الحسن فسئل أبو عبد الله الحاكم عن حديث الطير فقال لا يصح ولو صح لما كان أحد أفضل من علي رضي الله عنه بعد النبي صلى الله عليه وسلم. قال الذهبي ثم تغير أي الحاكم وأخرج حديث الطير في مستدركه. ولا ريب أن في المستدرك أحاديث كثيرة ليست على شرط الصحة بل فيه أحاديث موضوعة شأن المستدرك بإخراجها فيه، وأما حديث الطير فله طرق كثيرة جداً أفردتها بمصنف ومجموعها يوجب أن يكون الحديث له أصل، وأما حديث: من كنت مولاه فله طرق جيدة وقد أفردت ذلك أيضاً انتهى (والسدي اسمه إسماعيل بن عبد الرحمن) وهو السدي الكبير. - قوله: (أخبرنا عوف) هو ابن أبي جميلة (عن عبد الله بن عمرو بن هند) المرادي الجملي الكوفي صدوق من الثالثة لم يثبت سماعه من علي. قوله: (كنت إذا سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي إذا طلبت منه شيئاً (أعطاني) أي المسئول أو جوابه (وإذا سكت) أي عن السؤال أو التكلم (ابتدأني) أي بالتكلم أو الإعطاء. قوله: (هذا حديث حسن غريب) هذا الحديث منقطع لأن عبد الله بن عمرو لم يثبت سماعه من علي كما عرفت وأخرجه النسائي في الخصائص وابن خزيمة في صحيحه والحاكم.
3876- حَدّثَنَا إِسماعيلُ بنُ مُوسَى أخبرنا مُحمّدُ بنُ عُمَرَ بنِ الرّومِيّ حدثنا شَرِيكٌ عَن سَلَمَةَ بنِ كُهَيْلٍ عَن سُوَيْدِ بنِ غَفلَةَ عَن الصّنَابِحِيّ عَن عَلِيَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَنَا دَارُ الْحِكْمَةِ وَعَلِيّ بَابُهَا" قال: هَذا حديثٌ غَريبٌ مُنْكَرٌ ورَوَى بَعْضُهُمْ هَذَا الحَدِيثَ عَن شَرِيكٍ وَلَمْ يَذْكُرُوا فيهِ عَن الصّنَابِحِيّ وَلاَ نَعْرِفُ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أحَدٍ مِنْ الثقَاتِ غير شَرِيكٍ. وفي البابِ عَن ابنِ عَبّاسٍ. 3877- حَدّثَنَا قُتَيْبَةُ، حدثنا حَاتِمُ بنُ إسماعيلَ، عَن بُكَيْرِ بنِ مِسْمَارٍ، عَن عامِرِ بنِ سَعْدِ بنِ أَبي وَقّاصٍ، عَن أَبيهِ قالَ: "أمَرَ مُعَاوِيَةُ بنُ أبي سُفْيانَ سَعْداً فقالَ ما مَنَعَك أنْ تَسُبّ أَبَا تُرَابٍ؟ قالَ أَمّا ما ذَكَرْتَ ثَلاَثاً قالَهُنّ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَنْ أسُبّهُ لاِءَنْ تَكُونَ لِي وَاحِدَةٌ مِنْهُنّ أَحَبّ إِليّ مِنْ حُمْرِ النّعَمِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لِعَلِيَ وخَلَفَهُ في بَعْضِ مَغَازِيهِ؟ فقالَ لَهُ عَلِيّ يا رَسُولَ اللّهِ تَخْلُفُنِي مَعَ النّسَاءِ والصّبْيانِ؟ فقالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: أمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إلاّ أَنّهُ لاَ نُبُوّةَ بعْدِي. وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ يَوْمَ خَيْبَرَ لُعْطِيَنّ الرّايَةَ رَجُلاً يُحِبّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبّهُ اللّهُ وَرَسُولُهُ. قالَ فَتَطَاوَلْنَا لَهَا فقالَ ادْعُوا لي عَلِيّا، قالَ فأَتَاهُ وَبِهِ رَمَدٌ فَبَصَقَ في عَيْنِهِ فَدَفَعَ الرّايَةَ إِلَيْهِ فَفَتَحَ اللّهُ عَلَيْهِ وَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الاَيَةُ: {نَدْعُ أبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ} الاَية دَعَا رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم عَلِيّا وَفَاطِمَةَ وَحَسَناً وَحُسَيْناً فقالَ اللّهُمّ هَؤُلاَءِ أهْلِي" قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ صحيحٌ مِنْ هَذَا الوَجْهِ. - قوله: (حدثنا محمد بن عمر بن الرومي) إعلم أنه وقع في النسخة الأحمدية وغيرها: أخبرنا محمد بن عمر الرومي بإسقاط كلمة ابن وهو غلط والصواب محمد بن عمر بن الرومي بذكرها. ففي التقريب محمد بن عمر بن عبد الله بن فيروز الباهلي مولاهم ابن الرومي البصري لين الحديث من العاشرة وكذا في تهذيب التهذيب والخلاصة وكذا وقع عند الترمذي في مناقب زيد بن حارثة (عن الصنابحي) هو عبد الرحمن بن عسيلة. قوله: (أنا دار الحكمة وعلي) أي ابن أبي طالب (بابها) أي الذي يدخل منه إليها. قال الطيبي: لعل الشيعة تتمسك بهذا التمثيل أن أخذ العلم والحكمة منه مختص به لا يتجاوز إلى غيره إلا بواسطته رضي الله عنه. لأن الدار إنما يدخل من بابها وقد قال تعالى (وأتوا البيوت من أبوابها) ولا حجة لهم فيه إذ ليس دار الجنة بأوسع من دار الحكمة ولها ثمانية أبواب انتهى. وقال القاري: معنى الحديث: على باب من أبوابها. ولكن التخصيص يفيد نوعاً من التعظيم وهو كذلك لأنه بالنسبة إلى بعض الصحابة أعظمهم وأعلمهم، ومما يدل على أن جميع الأصحاب بمنزلة الأبواب قوله صلى الله عليه وسلم: "أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم"، من الإيماء إلى اختلاف مراتب أنوارها في الاهتداء. ومما يحقق ذلك أن التابعين أخذوا أنواع العلوم الشرعية من القراءة والتفسير والحديث والفقه من سائر الصحابة غير علي رضي الله عنه أيضاً فعلم عدم انحصار البابية في حقه اللهم إلا أن يختص بباب القضاء فإنه ورد في شأنه أنه "أقضاكم". كما أنه جاء في حق أبي أنه "أقرؤكم" وفي حق زيد بن ثابت أنه "أفرضكم" وفي حق معاذ بن جبل أنه "أعلمكم بالحلال والحرام". قلت: قال الحافظ في التلخيص حديث: "أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم". رواه عبد بن حميد في مسنده من طريق حمزة النصيبي عن نافع عن ابن عمر وحمزة ضعيف جداً، ورواه الدارقطني في غرائب مالك من طريق حميد بن زيد عن مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر وحميد لا يعرف ولا أصل له في حديث مالك ولا من فوقه، وذكره البزار من رواية عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن سعيد بن المسيب عن عمر وعبد الرحيم كذاب، ومن حديث أنس أيضاً وإسناده واهي ورواه القضاعي في مسند الشهاب له من حديث الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة وفي إسناده جعفر بن عبد الواحد الهاشمي وهو كذاب، ورواه أبو ذر الهروي في كتاب السنة من حديث مندل عن جويبر عن الضحاك بن مزاحم منقطعاً وهو في غاية الضعف. قال أبو بكر البزار: هذا الكلام لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقال ابن حزم: هذا خبر مكذوب موضوع باطل. وقال البيهقي في الاعتقاد عقب حديث أبي موسى الأشعري الذي أخرجه مسلم بلفظ: "النجوم أمنة السماء فإذا ذهبت النجوم أتى أهل السماء ما يوعدون. وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون". قال البيهقي روى في حديث موصول بإسناد غير قوي يعني حديث عبد الرحيم العمي. وفي حديث منقطع يعني حديث الضحاك بن مزاحم: "مثل أصحابي كمثل النجوم في السماء من أحذ بنجم منها اهتدى"، قال والذي رويناه ههنا من الحديث الصحيح يؤدي بعض معناه. قال الحافظ صدق البيهقي هو يؤدي صحة التشبيه للصحابة بالنجوم خاصة أما في الاقتداء فلا يظهر في حديث أبي موسى، نعم يمكن أن يتلمح ذلك من معنى الاهتداء بالنجوم وظاهر الحديث إنما هو إشارة إلى الفتن الحادثة بعد انقراض عصر الصحابة من طمس السنن وظهور البدع وفشو الفجور في أقطار الأرض انتهى. قوله: (هذا حديث غريب منكر) اختلف أهل العلم في هذا الحديث فقال ابن الجوزي وغيره إنه موضوع، وقال الحاكم وغيره إنه صحيح، قال الحافظ ابن حجر والصواب خلاف قولهما معاً وأن الحديث من قسم الحسن لا يرتقى إلى الصحة ولا ينحط إلى الكذب كذا في الفوائد المجموعة للشوكاني. قوله: (وفي الباب عن ابن عباس) أخرجه الحاكم في مستدركه وقال صحيح وتعقبه الذهبي. - قوله: (حدثنا حاتم بن إسماعيل) المدني (عن بكير بن مسمار) الزهري المدني. قوله: (فقال ما منعك أن تسب أبا تراب) أي علياً رضي الله عنه، قال النووي قال العلماء الأحاديث الواردة التي في ظاهرها دخل على صحابي يجب تأويلها قالوا ولا يقع في روايات الثقات إلا ما يمكن تأويله: فقول معاوية هذا ليس فيه تصريح بأنه أمر سعداً بسبه وإنما سأله عن السبب المانع له من السب كأنه يقول هل امتنعت تورعاً أو خوفاً أو غير ذلك، فإن كان تورعاً وإجلالاً له عن السب فأنت مصيب محسن وإن كان غير ذلك فله جواب آخر، ولعل سعداً قد كان في طائفة يسبون فلم يسب معهم وعجز عن الإنكار وأنكر عليهم فسأله هذا السؤال، قالوا ويحتمل تأويلاً آخر أن معناه: ما منعك أن تخطئه في رأيه واجتهاده وتظهر للناس حسن رأينا واجتهادنا وأنه أخطأ انتهى (أما ما ذكرت ثلاثاً قالهن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلن أسبه) كلمة ما مصدرية وذكرت بتأويل المصدر مع فاعله ومفعوله مبتدأ والخبر مجذوف أي أما ذكري ثلاث كلمات قالهن رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن علي فمانع عن سبه فلن أسبه (لأن تكون لي واحدة منهن) أي من الثلاث (من حمر النعم) بضم الحاء وسكون الميم أي الإبل الحمر وهي أنفس أموال العرب فهي كناية عن خير الدنيا كله (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي) هذا بيان للكلمات الثلاث التي ذكرها سعد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (وخلفه) أي جعله خليفة والواو للحال (في بعض مغازيه) أي في غزوة تبوك (أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى) أي نازلاً مني منزلة هارون من موسى والباء زائدة، وفي رواية سعيد بن المسيب عن سعد: فقال علي رضيت رضيت. أخرجه أحمد كذا في الفتح. وفي الحديث إثبات فضيلة لعلي ولا تعرض فيه لكونه أفضل من غيره أو مثله وليس فيه دلالة لاستخلافه لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قال هذا لعلي حين استخلفه في المدينة في غزوة تبوك ويؤيد هذا أن هارون المشبه به لم يكن خليفة بعد موسى بل توفي في حياة موسى وقبل وفاة موسى بنحو أربعين سنة على ما هو مشهور عند أهل الأخبار والقصص قالوا وإنما استخلفه حين ذهب لميقات ربه للمناجاة كذا في شرح مسلم للنووي (فتطاولنا لها) أي للراية. يقال تطاول إذا تمدد قائماً لينظر إلى بعيد (وبه رمد) بالتحريك أي هيجان العين (فبصق) أي بزق وفي حديث سهل بن سعد عند الشيخين: ودعا له فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع (وأنزلت هذه الاَية: {ندع أبناءنا وأبناءكم} الخ) وفي رواية مسلم: ولما نزلت هذه الاَية: {قل تعالوا ندع أبناءنا} الخ). قوله: (هذا حديث حسن غريب صحيح) وأخرجه أحمد ومسلم وأخرجه الترمذي في تفسير سورة آل عمران مختصراً.
3878- حَدّثَنَاعبْدُ اللّهِ بنُ أَبي زِيَادٍ حدثنا الأحْوَصُ بنُ جَوَابٍ عَن يُونُسَ بنِ أَبي إِسْحَاقَ عَن أَبي إِسْحَاقَ عَن البَرَاءِ قالَ: "بَعَثَ النبيّ صلى الله عليه وسلم جَيْشَيْنِ وَأَمّرَ عَلَى أحَدِهِمَا عَلِيّ بنَ أبي طالبٍ وَعَلَى الاَخَرِ خَالِدَ بنَ الْوَلِيدِ وَقالَ إِذَا كانَ القِتَالُ فَعليّ، قالَ فافْتَتَحَ عَلِيّ حِصْناً فَأَخَذَ مِنْهُ جارِيَةً فَكَتَبَ مَعِي خالِدٌ كِتَاباً إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم يَشِى بِهِ، قالَ فَقَدِمْتُ عَلَى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فَقَرَأَ الكِتَابَ فَتَغيّرَ لَوْنُهُ ثُمّ قالَ: ما تَرَى في رَجل يُحِبّ اللّهَ وَرَسُولَهُ ويُحِبّهُ اللّهُ وَرَسُولُهُ، قالَ قُلْتُ أعُوذُ باللّهِ مِنْ غَضَبِ اللّهِ وَمِنْ غَضَبِ رَسُولِهِ وإِنّمَا أَنَا رَسُولٌ فَسَكَتَ" قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لانَعْرِفُه إِلاّ مِنْ هَذَا الوَجْهِ. - قوله: (حدثنا عبد الله بن أبي زياد) القطواني (عن يونس بن أبي إسحاق) السبيعي الكوفي (عن أبي إسحاق) السبيعي (عن البراء) أي ابن عازب. قوله: (بعث النبي صلى الله عليه وسلم) أي أرسل (إذا كان القتال فعلي) أي فالأمير علي (يشي به) في القاموس وشى به إلى السلطان وشياً ووشاية أي نم وسعى (فقرأ الكتاب) وفي حديث بريدة عند أحمد فقرئ عليه (فتغير لونه) أي لون وجهه لغضبه صلى الله عليه وسلم (في رجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله) أي أراد بذلك وجود حقيقة المحبة وإلا فكل مسلم يشترك مع علي في مطلق هذه الصفة، وفي الحديث تلميح بقوله تعالى {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله} فكأنه أشار إلى أن علياً تام الاتباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم حتى اتصف بصفة محبة الله له ولهذا كانت محبته علامة الإيمان وبغضه علامة النفاق. قوله: (هذا حديث حسن غريب) تقدم هذا الحديث في باب من يستعمل على الحرب من أبواب الجهاد.
3879- حَدّثَنَا عَلِيّ بنُ المُنْذِرِ الكُوفِيّ أخبرنا مُحمّدُ بنُ فُضَيْل، عَن الأجْلَحِ، عَن أبي الزّبَيْرِ عَن جابِرٍ قالَ: "دَعا رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم عَلِيّا يَوْمَ الطّائِفِ فانْتَجَاهُ فقالَ النّاسُ لَقَدْ طَالَ نَجْوَاهُ مَعَ ابنِ عَمّهِ فقالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم ما انْتَجَيْتُهُ وَلَكِنّ اللّهَ انْتَجَاهُ" قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لانَعْرِفُه إلاّ مِنْ حَدِيثِ الأجْلَحَ وَقَدْ رَوَاهُ غَيْرُ ابنِ فُضَيْلٍ أيضاً عَن الأجْلَحِ. وَمَعْنَى قَوْلِهِ: "وَلَكِنّ اللّهَ انْتَجَاه". يَقُولُ إن اللّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَنْتَجِيَ مَعَهُ.
- قوله: (عن الأجلح) هو ابن عبد الله بن حجية (دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً يوم الطائف) قيل أي دعاه يوم أرسله إلى الطائف (فانتجاه) قال في القاموس ناجاه مناجاة ونجاء ساره وانتجاه خصة بمناجاته (فقال الناس) أي المنافقون أو عوام الصحابة قاله القاري (ما انتجيته) أي ما خصصت بالنجوى (ولكن الله انتجاه) أي أني بلغته عن الله ما أمرني أن أبلغه إياه على سبيل النجوى فحينئذ انتجاه الله لا انتجيته فهو نظير قوله تعالى {وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى} قال الطيبي كان ذلك أسراراً إلهية وأموراً غيبية جعله من خرانتها انتهى. قال القاري وفيه أن الظاهر أن الأمر المتناجي به من الأسرار الدينوية المتعلقة بالأخبار الدينية من أمر الغزو ونحوه إذ ثبت في صحيح البخاري أنه سئل عليّ كرم الله وجهه: هل عندكم شيء ليس في القرآن؟ فقال والذي خلق الحبة وبرأ النسمة، ما عندنا إلا ما في القرآن إلا فهماً يعطاه رجل في كتابه وما في الصحيفة. وقيل ما في الصحيفة؟ فقال العقل وفكاك الأسير وأن لا يقتل مسلم بكافر.
3880- حَدّثَنَاعَلِيّ بنُ المُنْذِرِ أخبرنا محمد بنُ فُضَيْل عَن سَالِمِ بنِ أَبي حَفْصَةَ، عَن عَطِيّةَ، عَن أَبي سَعِيدٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم لِعَليَ: "يا عَلِيّ لايَحِلّ لأحَدٍ أَنْ يُجْنِبَ في هَذَا المَسْجِدِ غَيْرِي وغَيْرَكَ" قالَ عَلِيّ بنُ المُنْذِرِ قُلْتُ لِضِرارِ بنِ صُرَدٍ ما معْنَى هَذَا الْحَدِيثِ؟ قالَ لاَ يَحِلّ لاِءَحَدٍ يَسْتَطْرِقُهُ جُنُباً غَيْرِي وَغَيْرَكَ. قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لاَ نَعْرِفُهُ إِلاّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. وقد سَمِعَ مني مُحمّدُ بنُ إسمَاعيلَ هَذَا الْحَدِيثَ وَأَسْتَغْرَبَهُ. - قوله: (عن عطية) بن سعد العوفي. قوله: (لا يحل لأحد يجنب) بضم التحتية وسكون الجيم وكسر النون من الإجناب (في هذا المسجد) أي المسجد النبوي يعني لا يحل لأحد أن يمر جنباً في هذا المسجد (غيري وغيرك) بالنصب على الاستثناء واعلم أنه وقع في بعض النسخ لا يحل لأحد يجنب بغير أن وكذا وقع في المشكاة قال الطيبي: ظاهره أن يجنب أن يكون فاعلاً لقوله لا يحل وقوله في هذا المسجد ظرف ليجنب وفيه إشكال. ولذلك أوله ضرار بن صرد صفة لأحد (قلت لضرار) بكسر الضاد المعجمة (بن صرد) بضم ففتح فتنوين يكنى أبا نعيم الكوفي الطحان سمع المعتمر بن سليمان وغيره وروى عنه علي بن المنذر (يستطرقه) أي يتخذه طريقاً. قال القاضي ذكر في شرحه أنه لا يحل لأحد يستطرقه جنباً غيري وغيرك، وهذا إنما يستقيم إذا جعل يجنب صفة لأحد ومتعلق الجار محذوفاً فيكون تقدير الكلام لا يحل لأحد تصيبه الجنابة يمر في هذا المسجد غيري وغيرك وكان عمر دارهما خاصة في المسجد. قال الطيبي والإشارة في هذا المسجد مشعرة بأن له اختصاصاً بهذا الحكم ليس لغيره من المساجد وليس ذلك إلا لأن باب رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتح إلى المسجد وكذا باب علي. قوله: (هذا حديث حسن غريب) أورد ابن الجوزي هذا الحديث في موضوعاته وقال: فيه كثير النواء وهو غال في التشيع عن عطية العوفي وهو ضعيف قال السيوطي في تعقباته: أخرجه الترمذي والبيهقي في سننه من طريق سالم بن أبي حفصة عن عطية فزالت تهمة كثير. وقال الترمذي حسن غريب، وقال النووي إنما حسنه الترمذي بشواهده قال وورد من حديث سعد بن أبي وقاص أخرجه البزار وعمر بن الخطاب أخرجه أبو يعلى. وأم سلمة أخرجه البيهقي في سننه. وعائشة أخرجه البخاري في تاريخه. والبيهقي وجابر بن عبد الله أخرجه ابن عساكر في تاريخه. ومن مرسل أبي حازم الأشجعي أخرجه الزبير بن بكار في أخبار المدينة انتهى. (وقد سمع محمد بن إسماعيل) أي الإمام البخاري (مني هذا الحديث) وقد سمع منه أيضاً حديث ابن عباس في قول الله عز وجل {ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها} قال اللينة النخلة الحديث قال الترمذي بعد إخراجه في تفسير سورة الحشر: سمع مني محمد بن إسماعيل هذا الحديث انتهى.
3881- حَدّثَنَا إسماعيلُ بنُ مُوسَى أخبرنا عَلِي بنُ عَابِسٍ عَن مُسْلِمٍ المُلاَئِيّ عَن أنَسِ بنِ مالِكٍ قالَ: "بُعِثَ النّبيّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الاِثْنَيْنِ وَصَلّى وَعَلِيّ يَوْمَ الثّلاَثَاءِ" قال أبو عيسى: وفي الباب عن علي وهَذا حديثٌ غَرِيبٌ لانَعْرِفُهُ إلاّ مِنْ حَدِيثِ مُسْلِمٍ الأعْوَرِ، وَمُسْلِمٌ الأعْوَرُ لَيْسَ عِنْدَهُمْ بِذَاكَ القَوِيّ. وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الحديث عَن مُسْلِمٍ عَن حَبّةَ عَن عَلِيَ نَحْوَ هَذَا. 3882- حَدّثَنَا القاسم بن دينار الكوفي أخبرنا أبو نعيم عن عبد السلام بن حرب عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن سعد بن أبي وقاص "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي: أنت مني بمنزلة هارون من موسى". هذا حديث حسن صحيح وقد روى من غير وجهٍ عن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم ويستغرب هذا الحديث من حديث يحيى بن سعد الأنصاري. 3883- حَدّثَنَا محمُودُ بنُ غَيْلاَنَ حدثنا أَبُو أحْمَدَ الزّبَيْرِيّ عَن شَرِيكٍ عَن عبْدِ اللّهِ بنِ مُحمدِ بنِ عَقِيلٍ عَن جابِرِ بنِ عَبْدِ اللّهِ "أَنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قالَ لِعَلِيَ: أنْتَ مِنّي بِمَنْزِلَةِ هارُونَ مِنْ مُوسَى إلاّ أنهُ لانَبِيّ بَعْدِي" قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَن غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. وفي البابِ عَن سَعْدٍ وَزَيْدِ بنِ أرْقَمَ وَأبي هُرَيْرَةَ وَأُمّ سَلَمَةَ. - قوله: (حدثنا علي بن عابس) بموحدة مكسورة بعدها مهملة الأسدي الكوفي ضعيف من التاسعة (عن مسلم الملائي) بميم مضمومة وخفة لام وبمد وبياء في آخره نسبة إلى بيع الملاء نوع من الثياب. قال في التقريب مسلم بن كيسان الضبي الملائي البراد الأعور أبو عبد الله الكوفي ضعيف من الخامسة. قوله: (بعث النبي صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين وصلى علي يوم الثلاثاء) فيه دليل على أن أول من أسلم من الذكور هو علي رضي الله عنه (وقد روى هذا الحديث عن مسلم) هو ابن كيسان الملائي (عن حبه) بفتح حاء مهملة ثم موحدة ثقيلة بن جوين بجيم مصغراً العرني بضم المهملة وفتح الراء بعدها نون الكوفي صدوق له أغلاط وكان غالياً في التشيع من الثانية وأخطأ من زعم أن له صحبة (عن علي نحو هذا) أخرج الحاكم عن حبة بن جوين عن علي: عبدت الله مع رسوله سبع سنين قبل أن يعبده أحد من هذه الأمة. قال السيوطي في تعقباته: قد أخرجه الحاكم لكن تعقبه الذهبي بأن خديجة وأبا بكر وبلالاً وزيداً آمنوا أول ما بعث النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال ولعل السمع أخطأ ويكون علي قال: عبدت الله مع رسوله ولي سبع سنين. ولم يضبط الراوي ما سمع انتهى. - قوله: (عن يحيى بن سعيد) هو الأنصاري. قوله: (عن سعد بن أبي وقاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي أنت مني بمنزلة هارون من موسى) تقدم شرحه قريباً. قوله: (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه البخاري ومسلم، قوله: (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي أنت مني بمنزلة هارون من موسى الخ) قال الطيبي: تحريره من جهة علم المعاني أن قوله مني خبر للمبتدأ ومن اتصاليته ومتعلق الخبر خاص والباء زائدة كما في قوله تعالى {فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به} أي فإن آمنوا إيماناً مثل إيمانكم، يعني أنت متصل بي ونازل مني منزلة هارون من موسى، وفيه تشبيه ووجه الشبه منه لم يفهم أنه رضي الله عنه فيما شبهه به صلى الله عليه وسلم فبين بقوله: "إلا أنه لا نبي بعدي" أن اتصاله به ليس من جهة النبوة فبقي الاتصال من جهة الخلافة لأنها تلي النبوة في المرتبة إما أن يكون حال حياته أو بعد مماته. فخرج من أن يكون بعد مماته لأن هارون عليه السلام مات قبل موسى فتعين أن يكون في حياته عند مسيره إلى غزوة تبوك. قوله: (وفي الباب عن سعد وزيد بن أرقم وأبي هريرة وأم سلمة) أما حديث سعد وهو ابن أبي وقاص فقد أخرجه الترمذي قبل هذا بأربعة أبواب، وأما حديث زيد بن أرقم فأخرجه الطبراني بإسنادين في أحدهما ميمون أبو عبد الله البصري وثقه ابن حبان وضعفه جماعة وبقية رجاله رجال الصحيح، وأما حديث أبي هريرة فلينظر من أخرجه، وأما حديث أم سلمة فأخرجه أبو يعلى والطبراني. قال الهيثمي في إسناد أبي يعلى محمد بن سلمة بن كهيل وثقه ابن حبان وضعفه غيره وبقية رجاله رجال الصحيح، وقال عن عامر بن سعد عن أبيه وعن أم سلمة وقال الطبراني عن عامر بن سعد عن أبيه عن أم سلمة فالله أعلم انتهى. وفي الباب أيضاً عن أبي سعيد وأسماء بنت عميس وابن عباس وحبشي بن جنادة وابن عمر وعلي نفسه وجابر بن سمرة وأبي أيوب والبراء بن عازب كما في مجمع الزوائد.
3884- حَدّثَنَا مُحمّدُ بنَ حُمَيْدٍ الرّازِيّ حدثنا إِبْرَاهيمُ بنُ المخْتَارِ عَن شعْبَةَ عَن أَبي بَلْجٍ عَن عَمْرِو بنِ مَيْمُونٍ عَن ابنِ عبّاسٍ: "أَنالنّبيّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِسَدّ الأبْوَابِ إِلاّ بابَ عَلِيَ" قال: هَذا حديثٌ غَرِيبٌ لانعْرِفهُ عَن شعْبَةَ بهَذَا الاِسْنَادِ إلا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. 3885- حَدّثَنَا نَصْرُ بنُ عَلِيَ الْجَهضَمِيّ، حدثنا عَلِيّ بنُ جَعْفَرِ بنِ مُحمّدِ بنِ عَلِيَ قال أَخْبَرَنِي أخِي مُوسَى بنُ جَعْفَرِ بنِ مُحمّدٍ عَن أَبيهِ جَعْفَرِ بنِ مُحمّدٍ عَن أَبيهِ مُحمّدِ بنِ عَلِيَ عَن أبيهِ عَلِيّ بنِ الْحُسَيْنِ عَن أبيهِ عَن جَدّهِ عَلِيّ بنِ أَبي طَالِبٍ: "أَنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم أخَذَ بِيَدِ حَسَنٍ وَحُسَيْن قَالَ مَنْ أحَبّنِي وَأَحَبّ هَذَيْنِ وَأَبَاهُمَا وأُمّهُمَا كانَ مَعِي في دَرَجَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ" قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لانَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ جَعْفَرِ بنِ مُحمّدٍ إلاّ مِنْ هَذَا الوَجْهِ. - قوله: (حدثنا إبراهيم بن المختار) الرازي (عن أبي بلج) بفتح موحدة وسكون لام بعدها جيم الفزاري الكوفي ثم الواسطي الكبير اسمه يحيى بن سليم أو ابن أبي سليم أو ابن أبي الأسود صدوق ربما أخطأ من الخامسة (عن عمرو بن ميمون) الأودي. قوله: (أمر بسد الأبواب) أي المفتوحة في المسجد (إلا باب علي) ولذا قال: "لا يحل لأحد يجنب في هذا المسجد غيري وغيرك". قال في اللمعات: حكم ابن الجوزي على هذا الحديث بالوضع وقال وضعته الروافض في معارضة حديث أبي بكر، ورد الشيخ ابن حجر عليه وقال. لحديث علي طرق كثيرة بلغت بعضها حد الصحة وبعضها مرتبة الحسن ولا معارضة بينه وبين حديث أبي بكر لأن الأمر بسد الأبواب وفتح باب علي كان في أول الأمر والأمر بسد الخوخات إلا خوخة أبي بكر كان في آخر الأمر في مرضه حين بقي من عمره ثلاثة أو أقل. انتهى ما في اللمعات. قلت: أراد بالشيخ ابن حجر الحافظ ابن حجر العسقلاني وقد بسط الحافظ الكلام في هذا في فتح الباري في المناقب وقد تقدم تلخيصه في مناقب أبي بكر. - قوله: (حدثنا علي بن جعفر بن محمد بن علي) بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي العلوي أخو موسى مقبول (أخبرني أخي موسى بن جعفر بن محمد) بن علي بن الحسين بن علي أبو الحسن الهاشمي المعروف بالكاظم صدوق عابد (عن أبيه جعفر بن محمد) المعروف بالصادق (عن أبيه محمد بن علي) المعروف بالباقر (عن أبيه علي بن الحسين) المعروف بزين العابدين. قوله: (وأباهما) أي علي بن أبي طالب رضي الله عنه (وأمهما) أي فاطمة رضي الله عنها (كان معي في درجتي يوم القيامة) فإن المرء مع من أحب. قوله: (هذا حديث حسن غريب) وأخرجه أحمد.
3886- حَدّثَنَا مُحمدُ بنُ حُمَيْدٍ حدثنا إبْرَاهِيمُ بنُ المُخْتَارِ عَن شعْبَةَ عَن أَبي بَلْجٍ عَن عَمْرِو بنِ مَيْمُونٍ عَن ابنِ عبّاسٍ قالَ: "أَوّلُ مَنْ صَلّى عَلِيّ" قال: هَذا حديثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ لاَ نَعْرفُهُ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ عَن أَبي بَلْجٍ إِلاّ مِنْ حَدِيثِ مُحمّدِ بنِ حُمَيْدٍ وَأَبُو بَلْجٍ اسْمُهُ يَحيْى بنُ أبي سُلَيْمٍ وقال بعض أهل العلم: أوّلُ مَنْ أسْلَمَ مِنَ الرجال أَبُو بَكْرٍ الصّدّيقُ، وَأسْلَمَ عَلِيّ وهو غلام ابن ثمانِ سنين، وَأوّلُ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ النّساءِ خَدِيجَةُ. 3887- حَدّثَنَا مُحمّدُ بنُ بشّارٍ و مُحمّدُ بنُ المُثَنّى قالاَ: حدثنا مُحمّدُ بن جَعْفَرٍ، حدثنا شُعْبَة، عَن عَمْرِو بنِ مُرّةَ، عَن أَبي حَمْزَةَ عَن رَجُلٍ مِنَ الأنْصَارِ عَن زَيْدِ بنِ أَرْقَمَ قالَ: "أوّلُ مَنْ أسْلَمَ عَلِيّ قالَ عَمْرُو بنُ مُرّةَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لإبْرَاهِيمَ النّخْعِيّ فأَنْكَرَهُ وَقالَ: أوّلُ مَنْ أَسْلَمَ أبُو بَكْرٍ الصّدّيقُ" قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ. وأبُو حَمْزَةَ أسمُهُ طَلْحَةُ بنُ يَزِيدَ. - قوله: (أول من صلى) أي أول من أسلم من الصبيان (علي) أي ابن أبي طالب، وفي رواية لأحمد عن زيد بن أرقم: أول من أسلم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب. - قوله: (عن عمرو بن مرة) الجملي المرادي (أول من أسلم علي) وفي رواية لأحمد في مسنده: أول من أسلم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب. وفي أخرى له: أول من صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم علي رضي الله عنه (فأنكره وقال أول من أسلم أبو بكر الصديق) لا وجه للإنكار فإن أبا بكر أول من أسلم من الرجال. وعلياً أول من أسلم من الصبيان. قوله: (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه أحمد. قوله: (وأبو حمزة اسمه طلحة بن يزيد) بفتح التحتية الأولى وكسر الزاي وسكون التحتية الثانية وبالدال المهملة وكذلك في التقريب وتهذيب التهذيب والخلاصة ووقع في النسخة الأحمدية وغيرها طلحة بن زيد بفتح الزاي وسكون التحتية وبالدال المهملة وهو غلط وليس في جامع الترمذي راو اسمه طلحة بن زيد، وطلحة بن زيد هذا هو أبو حمزة الأيلي بفتح الهمزة وسكون الياء مولى الأنصار نزل الكوفة وثقه النسائي من الثالثة.
3888- حَدّثَنَا عِيسى بنُ عُثْمانَ ابنِ أخِي يَحْيَى بنِ عِيسَى الرّمْلِيّ حدثنا عِيسَى الرّمْلِيّ عَن الأعْمَشِ عَن عَدِيّ بنِ ثابِتٍ عَن زِرّ بنِ حُبَيْشٍ عَن عَلِيَ قالَ: "لَقَدْ عَهِدَ إليّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم النبيّ الُمّيّ أنّهُ لاَ يُحِبّكَ إلاّ مُؤْمِنٌ وَلاَ يُبْغِضُكَ إلاّ مُنَافِقٌ". قالَ عَدِيّ بنُ ثَابِتٍ: أَنَا مِنَ القَرْنِ الذِي دَعَا لَهُمْ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ. 3889- حَدّثَنَا مُحمّدُ بنُ بَشّارٍ وَ يَعْقُوبُ بنُ إِبْرَاهِيمَ وغَيْرُ وَاحِدٍ قالُوا: أخبرنا أبُو عَاصِمٍ عَن أَبي الْجَرّاحِ، حدثني جَابِرُ بنُ صُبَيْحٍ قالَ: حَدّثَتْنِي أُمّ شَرَاحِيلَ قالَتْ حَدّثْتَنِي أُمّ عَطِيّةَ قالتْ: "بَعَثَ النبيّ صلى الله عليه وسلم جَيْشاً فِيهِمْ عَلِيّ، قالَتْ فَسَمعْتُ رَسُولَ اللّهَ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ رَافِعٌ يَدَيْهِ وَيَقُولُ: اللّهُمّ لاَ تُمِتْنِي حَتّى تُرِينِي عَليّا". قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ غريب إِنّمَا نَعْرِفُهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. - قوله: (لقد عهد) أي أوصى (النبي الأمي) بدل من النبي (أنه) الضمير للشأن (لا يحبك إلا مؤمن) أي لا يحبك حباً مشروعاً مطابقاً للواقع من غير زيادة ونقصان ليخرج النصيري والخارجي فمن أحبه وأبغض الشيخين مثلاً فما أحبه حباً مشروعاً أيضاً (ولا يبغضك إلا منافق) أي حقيقة أو حكماً (أنا من القرن الذين دعا لهم النبي صلى الله عليه وسلم) أي من الجماعة الذين دعا لهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "اللهم وال من والاه". كما في حديث البراء زيد بن أرقم عند أحمد. قوله: (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه مسلم. - قوله: (ويعقوب بن إبراهيم) الدورقي (أخبرنا أبو عاصم) النبيل (عن أبي الجراح) البهزي بفتح موحدة وهاء ساكنة وزاي مجهول من السابعة (حدثني جابر بن صبيح) كذا وقع في النسخ الموجودة بضم الصاد المهملة وبفتح الموحدة مصغراً وكذا وقع في الميزان، ووقع في الخلاصة وتهذيب التهذيب جابر بن صبح مكبل وضبطه الحافظ في التقريب بضم المهملة وسكون الموحدة وهو راسبي بصري صدوق من السابعة (حدثتني أم شراحيل) لا يعرف حالها من الثالثة (حدثتني أم عطية) الأنصارية صحابية مشهورة سكنت البصرة واسمها نصيبة بالتصغير ويقال بفتح أولها بنت كعب ويقال بنت الحارث. قوله: (فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو رافع يديه يقول) أي حين إرساله أو عند توقع إقباله (اللهم لا تمتني) بضم فكسر من الإماتة أي لا تقبض روحي (حتى تريني) بضم فكسر من الإراءة (علياً) أي رجوعه بالسلامة. قوله: (هذا حديث غريب حسن) في سنده مجهول ومجهولة كما عرفت.
|